مشروع مقال
نشرت سنة ١٩٣٥
إنّ من دأبي إذا كان العيد أني أغلق عليّ بابي، ثم لا أفتحه لداخل إلى الدار أو خارج منها حتى ينتهي العيد، إلاّ أن تكون صلاة لا خِيرَةَ فيها أو صديق لا بدّ من لقائه. وأغْنَم هذه الأيام في الرجوع إلى نفسي، والأنس بأهلي، والإقبال على كتبي ودفاتري. فلما نَدَبني الأستاذ وحيد أيبش إلى الكتابة في «الشعلة» أجبته ووعدته بفصل أكتبه في أيام العيد وأنا متعزِّل متفرِّد، وأحبّره له تحبيرًا.
ولكن الشيطان أنساني الاستثناء وأمسك بلساني أن أقول: «إن شاء الله»، وما لم يشأ الله لم يكن؛ فلما جلست لأكتب سُدَّت في وجهي الأبواب، وضلّت عنّي الموضوعات، ونفر مني الكلام، فعدت وكأنني امرؤ يحاول أن يبدأ الكتابة ولمّا يمارسها من قبل، وعهدي بنفسي أني إذا أردت الكتابة تناولت القلم فأجريته على القرطاس، فإذا هو يجري قُدُمًا حتى أكون أنا الذي أرفعه لأقرأ الفصل وأضع التوقيع!
وطال بي التفكير وأنا لا أزداد إلا إبْعاطًا وخُرْقًا (١)، فألقيت
_________
(١) الإبعاط المباعَدة، والخُرق العجز عن العمل (مجاهد).
1 / 67