في معهد الحقوق (١)
نشرت سنة ١٩٣٢
أمس ... قبل أن تبدأ الدروس.
كان الصف الثالث هادئًا (٢)، والطلاب الذين جاؤوا إلى المعهد في مثل هذه الساعة المبكرة من شهر الصيام (وقليل ما هم) يحفّون بالمدفأة على نظام غريب؛ واحد على كرسي الأستاذ وقد ألقى برأسه بين دفّتي مجلة، وآخر جالس بجانب المجلة على منبر الصف العريض، يقرع برجليه جانبه فيصيح به جاره الذي جذب كرسي المعيد فوضعه حيال المدفأة وجلس عليه مادًا رجليه إلى وجه آخر جالس على المقعد: حاجِه (٣) بقى!
_________
(١) هذه المقالة منشورة في كتاب «قصص من الحياة». وقد تساءلت: أَضمَّها الشيخُ إلى ذلك الكتاب لأنها أشبه بالقصة وإلى هذا لأنها جزء من ذكريات الدراسة، أم أن النشر تكرر بسبب السهو والنسيان؟ فإن كانت الثانية أفلم يتنبّه لها من بعد أبدًا؟ فغلب على ظني أن الأمر مقصود فأبقيت كل شيء على حاله وفي نفسي منه شيء. إنها ليست إلا واحدة أخرى من المرات الكثيرة التي تمنيت لو كان حيًا أمامي أسأله فيجيبني وأنا أعد كتبه للنشر ﵀ (مجاهد).
(٢) كانت دراسة الحقوق في ثلاث سنوات فقط.
(٣) يلفظونها بكسر الجيم وسكون الهاء المتطرفة (حاجِهْ)؛ أي: يكفي. وهو تعبير عامي دارج في الشام لا أعرف أصله (مجاهد).
1 / 55