144

मन हादीस नफ्स

من حديث النفس

प्रकाशक

دار المنارة للنشر والتوزيع

संस्करण संख्या

الثامنة

प्रकाशन वर्ष

١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م

प्रकाशक स्थान

جدة - المملكة العربية السعودية

शैलियों

ولا رغبة في ثواب ولا رهبة من عقاب، ولكن وفاء وحبًا. والحب أجمل ما في الوجود والوفاء أقدس ما فيه بعد الإيمان ... وكنت مستندًا إلى نافذة القطار الذي سيحملني إلى البصرة، أصغي إلى خطبهم وأشعارهم التي صبوا فيها عواطفهم وكتبوها بمداد قلوبهم، أتأمل فلا أرى -والله- إلا بردى ودمشق وإخوتي. وغبت عني في شبه ذهول، فما انتبهت إلاّ وأنا وحيد في القطار. أضم إلى قلبي هذه الهدية التي قدمها إليَّ تلاميذي. وأطللت من النافذة فلم أجد إلاّ الظلام ... * * * لما دخلت عليهم الصف أول مرة كنت مشتاقًا إلى بلدي كارهًا لغربتي متألمًا ملتاعًا، فلم أرَ في الصف إلاّ عيونًا جامدة وقلوبًا معرضة وأفواهًا مغلقة، وكانوا عندي من العدم لأنه لم يكن لهم في ذاكرتي وجود. ولكن لم ألبث أن وضعت بين أيديهم قلبي فأحببتهم كما يحب الأخ أخاه (أحبهم في مجموعهم لا أحب واحدًا منهم ...)، وأخلص لهم، وأحرص على رضاهم، وأحس الفرح يغمر نفسي إذا قدمت لواحد منهم خيرًا أو درأت عنه شرًا، ويتصدع فؤادي إن وجدت أحدهم متألمًا، فلا أني (١) أخفف ألمه وأدفع عنه حزنه، وكنت أعيش بهم ولهم ومعهم. ووضعت بين أيديهم رأسي أطلعهم على كل ما اختزنته فيه هذه السنين الطوال؛ أستغل أضعف المناسبات لأطلعهم على

(١) من وَنَى يَنِي.

1 / 155