मिन अकीदा इला थावरा (4): नुबुव्वत - माअद
من العقيدة إلى الثورة (٤): النبوة – المعاد
शैलियों
67
والمحكم هو الواضح الذي ليس في حاجة إلى تأويل في حين يحتاج المتشابه، وهو الذي يشير إلى معنى واحد في حين يشير المتشابه إلى معنيين يتم ترجيح أحدهما دون الآخر؛ حتى يمكن الإشارة إلى واقعة واحدة دون الأخرى. ويمكن معرفة المتشابه فهو ليس سرا؛ وبالتالي لا يكون نموذج التشابه الحروف الأولى من السور؛ فهذه تدخل في حساب الأسلوب الجمالي واللغوي كما هو معروف في الأساليب الأدبية. المحكم هو الذي لا تأويل له غير تنزيله على عكس المتشابه الذي له تأويل، وقد يستعمل تعبير الألفاظ المشتركة للمتشابهات، مثل الوجه واليد والعين. وليس نموذج المتشابه هو القصص؛ لأنه لا يحتوي على معنيين، ولو كان متشابها لما أدى وظيفته في ضرب الأمثلة لحقائق التاريخ المستمدة من سلوك الأفراد والجماعات وتاريخ الشعوب. فالقصص ليس متشابها؛ لأن الغرض منه ليس وصف التاريخ وإعطاء أخبار تاريخية، بل وصف التجربة البشرية وإيجاد دلالتها في لحظة اكتمال الوحي واستقلال الشعور الإنساني، كما أن القصص للإيحاء والإقناع وليس لاستنباط الأحكام؛ للترويح على النفس وليس للتشريع. وليس المتشابه هو أمور المعاد وشئون الأخرويات؛ فهذه يمكن تأويلها مجازا تعبيرا عن رغبة الإنسان في عالم تسوده العدالة المطلقة في مقابل هذا العالم الذي يعيش فيه الظالم ويشقى فيه العادل، عالم تنكشف فيه الحقيقة في مقابل هذا العالم الذي تسوده الأقنعة والدوار. وقد يكون المحكم هو الوعد والمتشابه هو الوعيد؛ نظرا لاحتماله معنيين؛ التخويف أو العقاب، توجيه السلوك أو تنفيذ الترهيب، والأول يحقق النفع الفعلي والهدف من الوعيد في حين أن عدم تحقق الثاني يدل على علو القدر ورفعة المنزلة. فإذا كان المحكم عقاب الفاسق، والمتشابه ما خفي عقابه، فقد يكون ذلك أيضا لخطورة الفسق؛ أي خروج العمل على النظر وعدم تطابق الفعل مع القول. والحقيقة أن المحكم والمتشابه دافع على البحث والنظر، وصارف عن الجهل والتقليد، كما أنه يدل أيضا على درجة عالية من الفصاحة وتذوق اللغة، كما هو الحال في الحقيقة والمجاز، وكل جهد هو في النهاية ثواب أعظم.
68
أما الظاهر والمؤول فإنهما يكونان لب تحليل الخطاب خاصة المؤول. فالتأويل سلاح ذو حدين؛ يمكن أن يفيد في ضبط الأحكام والاستدلال عليها؛ وبالتالي إثباتها من أجل تحقيقها، وهذا هو التأويل اللغوي، ويمكن أيضا أن يقضي على الأحكام ويرفعها من أجل نفيها أو إسقاطها، وهذا هو التأويل الباطني. يقوم التأويل اللغوي على طبيعة اللغة وصلتها بالفكر، في حين يقوم التأويل الباطني على صلة اللغة بالشيء. الأول تأويل أولي يبغي الصورة الفنية، بينما الثاني تأويل مادي يبغي الشيء. الأول تأويل نظري يهدف أولا إلى معرفة المبدأ، بينما الثاني تأويل عملي يهدف إلى تغيير الواقع مباشرة. ومع ذلك فإن هدف التأويل اللغوي إحكام المبدأ النظري من أجل تحقيق الفعل، في حين أن التأويل الباطني يهدف إلى إسقاط الشرائع وإبطال الحدود. هدف الأول الخارج والتحقق، وهدف الثاني الداخل والتأمل. وتأويل الشريعة لا يعني رفعهما أو تبديلها أو تجسيمها؛ فالشرائع أفعال، والأفعال تهدف إلى تحقيق أبنية مثالية للعالم.
69
التأويل منهج حق قد يراد به باطل إذا كان الغرض منه هدم الشريعة والقضاء على فاعليتها في العالم. وإذا توجه التأويل اللغوي إلى الأفعال فإن التأويل الباطني يتوجه إلى الطبيعة والكون؛ أي التأويل الباطني للظواهر لتأويل الطبيعة الخارجية واستشراف ظواهرها فيما وراء اللغة. التأويل اللغوي تأويل للنصوص في حين أن التأويل الباطني تأويل للطبيعة، وتأويل الطبيعة هو في الحقيقة إسقاط العواطف والانفعالات الإنسانية على ظواهر الطبيعة، فالطبيعة خالية من المعنى، والإنسان هو الذي يسقط من شعوره المعاني على الطبيعة كما هو الحال في اختبارات الإسقاط. وإذن كان الهدف من التأويل اللغوي تثبيت حقائق الوحي وإزالة الشك فيه، في حين أن التأويل الباطني يهدف إلى هدم حقائق الوحي وتثبيت الشك فيه لأن زعزعة النظر أولى درجات الانسياب في العمل؛ لذلك كان التأويل اللغوي علنيا يذاع، في حين أن التأويل الباطني سر يكتم، وبينما لا يفسر التأويل اللغوي إلا المعاني يفسر التأويل الباطني الرموز. فالنصوص كلمات، والكلمات حروف، والحروف أعداد، والأعداد أسرار.
70
وإذا كان التأويل اللغوي يقوم به فرد واحد، فإن التأويل الباطني يحتاج إلى معلم. الأول يضع حقائق موضوعية لإيصالها للناس، والثاني يستخرج الحقائق من قلوب السامعين وتوليدها منها دون إيصال حقائق له. وإذا كان التأويل اللغوي يهدف إلى معرفة الحقيقة فإن التأويل الباطني يهدف إلى التأثير على الناس. والتأثير ليس فقط منهجا في الفهم، بل أيضا منهج في الإقناع والإيحاء عند الخصوم للتشكيك والتضليل. لا يعتمد على العقل بقدر ما يعتمد على الإيحاء الباطني. فإذا اعتمد التأويل اللغوي على قواعد اللغة فإن التأويل الباطني يعتمد على التحليل النفسي والاجتماعي للسامع لمعرفة كيفية إقناعه والتأثير عليه.
71
وإذا كان التأويل اللغوي لا يتعلق بالأحكام بقدر ما يتعلق بالاعتقادات، فإن التأويل الباطني يهدف إلى العمليات والنظريات معا حتى يفك الارتباط بين الحكم والفعل بتدخل المعاني والنظريات، فيتوه العقل فيها ويفقد توجهاته العملية.
अज्ञात पृष्ठ