मिन अकीदा इला थावरा (4): नुबुव्वत - माअद
من العقيدة إلى الثورة (٤): النبوة – المعاد
शैलियों
وبالنسبة للقضية الثانية، سوء فهم العقائد، فهي مملوءة بالتشبيه وهو مضاد للتنزيه، وتوحي بعض عباراتها بتعدد الآلهة. وكيف يصارع يعقوب الله أو الملائكة؟ كيف يعجز الله صراع يعقوب؟ وما الفائدة من صراع نبي وملاك؟ كل ذلك مظاهر للتشبيه. وكيف يجوز البداء على الله؟ وكثيرا ما تبطل النبوات وينكر البعث والجزاء. وفي المعجزات تقوم السحرة كما تقوم الأنبياء بإجراء المعجزات، وكثير من رواياتها تناقض الحس والعقل.
16
أما القضية الثالثة الخاصة بالسلوك فإن كثيرا من أشعارها مثل «شعر الأشعار» (نشيد الإنشاد) كلام أحمق لا يعقل، مضاد للأخلاق ولتنزيه الله. وكثير من مطالبها مضادة للكمال الخلقي، ومحال أن تأتي شريعة الأنبياء بما لا يفهم أو يضاد الأخلاق. وتتناقض التوراة مع القانون الخلقي للاستحقاق ثوابا أو عقابا في إهلاك قوم لوط؛ الصالحين والطالحين. والنبي مضاد للأخلاق كما هو الحال في قصة ضيوف إبراهيم المنتحلة؛ إذ كيف يرتكب الأنبياء المحرمات؟ وكيف يقع أبناؤهم وبناتهم في المحرمات؟ كيف يطيع النبي أهواء قومه؟ وأخيرا لم يتحقق المعاد في التوراة باحتلال العبرانيين من الفرات إلى النيل وإن كانوا قد احتلوا فلسطين وأجزاء من لبنان وسوريا ومصر.
17
أما بالنسبة للإنجيل فتبرز نفس القضايا الثلاث: التحريف في النصوص، سوء فهم العقائد، وأخيرا قضية السلوك الخلقي. فبالنسبة للقضية الأولى يبدأ تاريخ المسيحية بمؤامرة يهودية نفذها بولس، مثل مؤامرة عبد الله بن سبأ، فبولس هو المسئول عن تبديل المسيحية ووضع شرعة جديدة، وهناك عديد من المتناقضات داخل كتب النصارى مع التاريخ والوقائع والحوادث، واختلاف في التواريخ وعمر الأجيال من آدم إلى إبراهيم، وهو خلاف قائم أيضا بين السبعينية وتوراة اليهود. وفي الأناجيل أيضا تناقضات بالنسبة للتوراة، فهل هي نسخ لها؟ والاختلافات في الروايات في الزمان والمكان والرتبة والمال كثيرة، مثل رواية اختيار المسيح للتلاميذ في الأناجيل الأربعة، وروايات جحد التلاميذ له مرة قبل أن يصيح الديك ومرة بعده، وتناقضات في روايات الإيمان عند التلاميذ. وكيف يعطي المسيح للتلاميذ قوة على الأسباط الاثني عشر وفيهم يهوذا؟ وهناك اختلافات كثيرة بين الأناجيل الأربعة، كما أن هناك أناجيل أخرى كثيرة غير الأناجيل الأربعة تحتوي على كثير من أقوال المسيح الصحيحة، ولكن لا تعترف بها الكنيسة؛ لأنها لا تقر بعقيدة التثليث. وهناك تناقضات في دخول المسيح القدس، وتناقضات في نسب المسيح في بدء الخلق وهي فواتح الأناجيل الأربعة، كما أن معجزاته مضطربة ومتناقضة تقوم على الكذب في النقل. ولا توجد تفرقة بين السحر والمعجزة كما هو الحال في التوراة؛ فالأنبياء الكذابون يقومون بإجراء المعجزات. وكثير من أمثال المسيح غير مطابقة للواقع؛ مما يدل على وضعها خاصة في أمثال الزرع، والمسيح غير خبير بالفلاحة مثل الذي وضعها. وتثبت مقدمة إنجيل لوقا بأن الأناجيل مؤلفة باعترافه من نصوص سابقة، وليست رواية متواترة أو شهادة عيان مباشرة.
18
أما بالنسبة لسوء فهم النصوص وتزييف العقائد، فتأتي عقيدة التثليث كنموذج فريد؛ فقد تمت استعارة لغة الأبوة والبنوة من التوراة ومن الديانات القديمة، والتي على أساسها قامت كل العقائد الأخرى الباطلة المناقضة لشهادة الحس وأوائل العقل وبداهة الوجدان. وهي لغة مجازية تم تأويلها حرفيا لتصبح حقيقة، مع أن كثيرا من النصوص من داخل الأناجيل نفسها تؤيد أن المسيح إنسان وليس إلها. ويعترف المسيح نفسه وعلى لسانه بأنه نبي وأنه ابن الإنسان، وقال ذلك مرات عديدة أكثر مما قال إنه إله أو ابن الإله؛ فالألوهية قد أعطيت للمسيح فيما بعد من الأجيال اللاحقة؛ فهي رؤية بعدية، إسقاط من الحاضر على الماضي، وليست رؤية قبلية من الماضي إلى الحاضر، وقد ساهم في ذلك أبناء الكنيسة، وكانوا وراء كل ضلال. وزاد على ذلك أثر اليهودية على النصرانية، بالرغم من تحذيرات سلس، وتأكيده على التمايز والانفصال ضد الخلط والاتصال، وقد اتضح هذا التناقض أيضا في نظرية الكلمة في أول إنجيل يوحنا. وهناك تطاول على القدرة الإلهية وطعن في التوحيد، فليس المسيح إلا نبيا لا شأن له بالأب. وكيف يتوالد الابن عن الأب؟ وهي كلها في الحقيقة معان مجازية تدل على درجة القرب والتعاطف بين البشر، ولكن تحولت ألقاب المسيح، مثل الابن والمعلم والسيد، إلى عقائد فعلية شخصية شيئية، وليس مجرد وصفه بأنه الابن الصالح، كما أن علاقة المسيح بالكون متناقضة؛ إذ إنه بشر وإله وطبيعة في آن واحد، وامتحان الشيطان للمسيح يدل على أنه أقوى منه؛ فكيف يكون الشيطان أقوى من الله؟ وهناك تناقضات عديدة أخرى في رواية الصلب، حول من حمل جثة المسيح، وحول اللصين؛ مرة كلاهما كافر، ومرة واحد كافر والآخر مؤمن، وكذلك في أقوال المسيح على الصليب. وقال المسيح بالرجعة ولم يرجع؛ مما يدل على عدم تحقيق النبوة، كما وعد المسيح أنه أتى ليتكلم بلغة لا يعلمها أحد ولم يتحقق الوعد. وهناك أيضا تناقضات في رواية البعث وفي تصوراته؛ فكيف يجلس المسيح على يمين الله؟ وهناك تناقضات أخرى عديدة بالنسبة للملائكة وأمور المعاد. والروح القدس ليس خاصا بالمسيح وحده، ولكنه عام لكل الأنبياء؛ وبالتالي فلا مجال لتفضيل نبي على بني أو في تفضيل البشر على الأنبياء، وتشويه صور الأنبياء السابقين، مثل التناقضات التي في رواية يحيى المعمدان. وكيف يقوم التلاميذ بمعجزات وفيهم الجبان والخائن؟ وكيف يشك التلاميذ المؤيدون بالروح القدس في المسيح وفي نفس الوقت يجرون المعجزات؟ وهل كانت مريم على دين المسيح والتلاميذ أم على أي دين؟
19
أما بالنسبة لقضايا الأخلاق والسلوك فإن عقائد الخطيئة الأولى والخلاص والفداء تعارض حرية الاختيار والمسئولية الفردية وقانون الاستحقاق. هناك إجبار متبادل من الله على الإنسان ومن الإنسان على الله، وكل ضد العدل كما كان التجسد ضد أصل التوحيد، كما أن كثيرا من الوعود التي أعطاها المسيح بالنسبة إلى مغانم الدنيا لم تتحقق. وكثير من الشرائع المنقولة عنه لا تطابق العقل والواقع، ولا ندري من خلال النصوص؛ هل رسالته رسالة حرب أم سلام؟ والحقيقة أن كل هذه النتائج لها ما يؤيدها في علم النقد التاريخي للكتب المقدسة، الذي نشأ بعد ذلك في الحضارة الغربية الحديثة بأكثر من ألف عام. اعتمد القدماء فيها على المادة الموجودة في عصرهم، ولم يستعملوا أحكام القرآن على الكتب السماوية الأخرى، إلا كافتراضات يمكن التحقق من صدقها في التاريخ.
20
अज्ञात पृष्ठ