मिन अकीदा इला थावरा (4): नुबुव्वत - माअद
من العقيدة إلى الثورة (٤): النبوة – المعاد
शैलियों
32
وهما الحجران الكريمان نفسهما الموجودان في العرش. يكتب فيه العلم القبلي، العلم الإلهي قبل أن تقع الحوادث، ويكتبها الكتبة في صحف الأعمال كعلم بعدي. هناك إذن أربعة كتب من الأدنى إلى الأعلى: صحف الأعمال يكتبها الكتبة كعلم بعدي بعد حدوث الأفعال، وصحف الملائكة التي يكتب فيها الكاتبون أوامر الله لهم كل عام، ينقلونها من اللوح المحفوظ كنوع من تكليف الأعمال، والكتاب الذي تجمع فيه هذه الأوامر كلها ويوضع تحت العرش في خزائن الله، وكما يحدث في الدنيا في أرشيف صاحب العمل أو رئيس الديوان، وأخيرا اللوح المحفوظ الذي تضع فيه القدرة الإلهية العلم الإلهي مدونا، فيكون في الأعيان وليس فقط في الأذهان. وإن دعوة القدماء بالإمساك عن الجزم عن اليقين تعني أن كل ذلك قياس للغائب على الشاهد، ورجم بالغيب. (4) الصراط
والصراط هو الطريق إلى الجنة أو إلى النار بعد انتهاء الحساب والحكم بالثواب أو العقاب، وكأن المؤمن أو الكافر لا يستطيع أن يدخل كل منهما الجنة أو النار مباشرة ومن أوسع الأبواب، بل لا بد للمرور في طريق هو الصراط، خروجا من قاعة المحكمة إما إلى العالم الفسيح إذا كان بريئا، أو إلى ظلمات السجن إذا كان مذنبا. قد يكون ذلك إجحافا بالمؤمن الذي يود أن يقفز من قاعة المحكمة إلى رحابة العالم دون المرور بالصراط، وحتى لا يتساوى مع الكافر الذي يستحق السير في الدهليز الطويل. وكما يكون ممدودا إلى الجنة والنار، فإنه قد يكون ممدودا بينهما مثل الأعراف، وقد يكون ممدودا إلى النار فقط، وقد يكون منصوبا فوق جهنم، وقد يكون ممدودا بين النار والجنة؛ النار أولا والجنة ثانيا. والأفضل أن يكون منذ مخرج القاعة معبران؛ معبر للمؤمنين ومعبر للكافرين؛ حتى لا يختلط المؤمن بالكافر بعد الحساب. وقد يكون الصراط بين ظهراني جهنم، وليس معبرا فوقها.
وفي هذه الحالة، ما ذنب المؤمن كي يسير فيه ويمر إلى الجنة من خلال جهنم ؟ الأقرب ألا يمر عليه الكفار، بل يذهبون إلى النار قذفا أو تعذيبا إلا إذا كان المقصود العذاب البطيء، وألا يمر عليه المؤمنون إلا إذا كان المقصود تشويقا إلى الجنة وتمرينا لهم على النعيم؛ حتى لا يصابوا بصدمة عصبية عند رؤية الحور العين. وقد يكون الصراط طريقا واحدا يتشعب إلى طريقين؛ طريق يمنى وطريق يسرى. الأول لأهل السعادة، والثاني لأهل الشقاء.
33
أما بالنسبة إلى شكله أو حجمه، فهو أحد من السيف وأدق من الشعرة، وهي صورة شعرية تلهب الخيال وتثير العجب. فهل يستطيع مثل هذا الخيط الرفيع أن يحمل المؤمنين والكفار كلهم من أول الخليقة حتى آخرها؟ وإذا كان السير عليه صعبا وفيه مهلكة، فلماذا يسير عليه المؤمنون ولا يسير عليه الكفار وحدهم؟ هل يستطيع أن يتحمل ثقل الإنسانية جمعاء؟ وما طوله؟ وأي قوة تحمله؟ وما بدايته؟ وما نهايته؟ أين يتعلق في البداية والنهاية؟ وهل يتقوس من ثقل الحمل؟ وهل يمكن ذلك دون أن تكون هناك حوامل أخرى بين الحين والآخر؟ كيف يسير الناس عليه والوقت زحام شديد، فرارا وهرولة؟ وما الترتيب؟ صغارا وكبارا؟ أنبياء وأولياء؟ إنسا وجنا؟ وكيف يكون أحد من السيف وأدق من الشعرة ويختلف في الضيق والاتساع؟ يبدو أن المبالغة لا تلتفت إلى التناقض في الصورة الفنية. المهم أن يكون الطريق طويلا وعريضا. وكيف يقاس الخيط صعودا وهبوطا وهو ممتد أفقيا لا رأسيا؟ هناك فرق بين السير على الجبل وبين التسلق عليه.
34
ويختلف الناس من حيث السرعة في السير عليه، كل حسب عمله؛ فمنهم من يجتازه اجتياز الريح، مثال الأنبياء، والبرق الخاطف بلا تعب ولا نصب، وبالمقابل يسير عليه الكافر ببطء مثل بطء السلحفاة تعذيبا له. ومتى سيصل الكافر إلى النار وهو بمثل هذا البطء؟ وهل عذاب السير على الصراط أعظم من طريق النار؟ إن التباطؤ في مثل هذه الحالة على الصراط نعيم بالقياس إلى لهيب النار. بل إنه من الأصلح للكافر أن يتباطأ وأن يزداد طول الصراط إبعادا لوقت الحريق قدر الإمكان. إن اختلاف أشكال العبور عليه في السرعة، مثل البرق والريح والطير والجواد والسعي والمشي والحبو على الرجلين أو اليدين أو الجر على الوجه، لتصوير اختلاف الأحكام طبقا للأعمال سيرا إلى الجنة أو النار. وهو موقف شعوري وليس موقفا ماديا، إحساس ذاتي وليس وصفا موضوعيا، ورؤية كيفية وليست حسابا كميا. الزمان على الصراط شعوري كالمسافة منه. منهم من يمر عليه في الأزمان، ومنهم من تستغرق فيه الأعوام والأعوام مثل أشيل والسلحفاة؛ فالمسافة تقاس بالزمن ويتحول المكان إلى زمان. وإذا كان المسير عليه ثلاثة آلاف سنة، فمتى يدخل الإنسان الجنة أو النار؟
35
يتسع الصراط على أهل الجنة ويضيق على أهل النار؛ فالمكان شعوري أسوة بالزمان، وكما تتسع جدران القبر على المؤمن وتضيق على الكافر، وكما تفتح طاقة في القبر على المؤمن ويختنق الكافر. وأثناء السير على الصراط تتدخل الملائكة، فتدفع الكفار للوقوع في النار، وهم مكبلون بالنواصي والأقدام، وكأن القسوة والإسراع في العذاب من شيم الملائكة! ولماذا لا تتدخل ملائكة أخرى للدفاع عن المؤمنين وحرصهم من الوقوع، أو على الأقل مساندتهم حتى يصلوا إلى بر الأمان؟ يوضع للمؤمنين عليه مائدة يأكلون منها ما يتدلى من ثمار الجنة، وكأنها وليمة، وليست امتحانا أو اختبارا. وكيف تنصب الموائد على الصراط الذي هو أحد من السيف وأدق من الشعرة؟ وكيف توضع الموائد والناس من فوق الصراط طوابير الواحد تلو الآخر؟ وكيف التمييز بين المؤمنين والكافرين إلا إذا كان هناك طابوران منفصلان لكل فريق، وحتى لا يزاحم الكافر فيقعد على مائدة المؤمن درءا للجوع، خاصة وأنه قد حرم الشراب من الحوض في الموقف قبل الحساب؟ وقد يقع الكافر على الصراط إذا ما تشابكت كلاليبه به وكأنه مسمار، فيتشبث به بكلتا يديه، فيعتدل ويسير أعواما وأعواما. وقد ينجو بعد ذلك وكأن الأمر جذب لانتباه المشاهدين، وتلاعب بعواطف النظارة كما هو معروف في الفنون المرئية باسم التعليق
अज्ञात पृष्ठ