मिन अकीदा इला थावरा (4): नुबुव्वत - माअद
من العقيدة إلى الثورة (٤): النبوة – المعاد
शैलियों
ملك الموت إذن صورة فنية تعبر عن هموم الإنسان نحو الموت، وهي أبلغ في التعبير والتأثير من مجرد الوصف العلمي أو التنظير العقلي لواقعة الموت.
سادسا: حياة القبر
بعد الموت تظهر أمور المعاد أو الأخرويات بالمعنى الدقيق ابتداء من حياة القبر؛ فبمجرد دفن الميت ومواراة الجثة التراب، هل ينتهي كل شيء انتظارا ليوم البعث والنشور، ابتداء من علامات الساعة حتى يوم الحساب واستحقاق الإنسان الثواب والعقاب، الجنة أو النار؟ إن حياة القبر فيما يبدو هي حياة متوسطة بين الموت الأول والحياة الثانية، استمرار للحياة الأولى في القبر قبل أن يموت الإنسان ميتة ثانية هي الميتة الدائمة حتى يوم البعث ويوم الحساب، وتسمى حياة البرزخ؛ أي الانتقال من الحياة إلى الموت عن طريق حياة ثانية مؤقتة. ومع أنه لفظ قرآني، إلا أن استعماله كثر عند الصوفية في وصفهم لعوالم الروح. حياة القبر إذن من الأمور المتوسطة بين الدنيا والآخرة، وقد كثرت الإشارة إليها في العقائد المتأخرة، أو في الشروح المتأخرة على العقائد المتقدمة، ثم تحول بعد ذلك إلى موضوع مستقل يعمل فيه الخيال الشعبي بحرية تامة، بصرف النظر عن علم أصول الدين.
1
البرزخ إذن هو الحياة المتوسطة بين الموت والبعث، تتراءى فيه أحوال القيامة قبل البعث، تعرض النار على الكفار. ولكن لماذا لا تعرض الجنة أيضا على المؤمنين؛ لينعموا بريحها، ويتنشقوا نسيمها، كما يتألم الكفار من لهيب النار؟ وهل في القبر زمان، فيعرض فيه الموتى على النار صباحا ومساء؟ وكيف تعرض النار على الكفار والجنة على المؤمنين، والحساب لم يتم بعد، ولم يحدث دفاع، ولم ينطق حكم، ولم يوقع جزاء؟ ربما هي بقايا العقائد القديمة في حياة القبر، كما هو الحال في تاريخ البشرية عند بناة الأهرام، كسكن للموتى وتحنيط الأجساد ووضع الطعام والشراب والحلي معه؛ حتى تنعم الروح حين تعود إلى الجسد. وربما هي رغبة في قهر الموت واستمرار الحياة؛ تخفيفا لآلام القبر، وحرصا على راحة الميت، وما زالت ذكراه حية في الأذهان، والدموع في الأجفان، رغبة في الاتصال؛ إذ لا تعقل هذه الفجوة بين الموت والبعث، بين الفناء والخلود. (1) هل تعود الروح؟
ولكن افتراض حياة في القبر يتطلب عودة الروح إلى الجسد، فهل تعود الروح إلى الجسد بعد مفارقته؟ وماذا تفعل الروح إذا عادت ولم تجد جسدا موارى في التراب، كما هو الحال في الغريق الذي طواه اليم، أو الجسد الذي أكله السبع، أو الذي مزقته السيوف إربا إربا، أو الذي حرقته النار فصار رمادا؟ أين تعود الحياة؟ هل تعود الأجزاء إلى الجسد حتى يكتمل ثم يعود إليه الروح، أم تعود الروح إلى الأجزاء المتبقية؟ وماذا لو كان الجزء المتبقي هو اليد أو الأصبع دون القلب أو الرأس أو اللسان؟
2
لقد رأى القدماء أن الحياة ترد إلى «عجب الذنب»، وهو آخر سلسلة في العمود الفقري من أسفل، والتي منها يخرج ذيل الحيوان، فهو الجزء من الجسد الذي لا يفنى ولا يأكله التراب، ومنه بدأ الخلق الثاني والبعث، وهو المكان الذي يجمع بين الصلب والترائب، والذي فيه يتكون المني ويحفظ، وهو ماء الحياة الذي منه يبدأ الخلق والتكوين في الأرحام. وكيف يعذب أو ينعم «عجب الذنب» دون أن ترد فيه الحياة؟ وكيف ترد الحياة إلى العظم قبل أن يكسوها اللحم وتسري فيه الدماء؟ وقد يؤجل رد الحياة إلى «عجب الذنب» إلى البعث والنشور قبل الخروج من القبور ليوم الحساب. وهل يظل النخاع في «عجب الذنب»، ولا يجف حتى تبدأ منه الحياة من جديد؟
3
وكيف ينعم أو يتألم «عجب الذنب» وهي عظام نخرة، ليس بها جهاز عصبي للآلام والإحساس إن لم ترد إليها الحياة؟ وهل تتألم العظام الحية ونخاعها بها طري لم يجف بعد؟ وهل اللذة والألم يحدثان في العظام، ويتحولان إلى إدراك يتم المقصود بهما في عبرة الإنسان وجزائه على الأعمال، أم مجرد لذة وألم لموضوع طبيعي غير مدرك لا اعتبار له، ولم يفعل شيئا بمفرده، بل كان مجرد آلة لإنسان عاقل ومريد باختيار؟ وإذا ما تحلل البدن، فأين تعود الروح قبل أن يحيي الله العظام وهي رميم يوم البعث والنشور؟ ومتى تعود الروح إلى الجسد؟ هل تعود بمجرد مواراته ووضعه في اللحم وطيه في القبر؛ أي بعد الموت مباشرة والجسد ما زال طريا حيا، به لحم ودم وعظم، وقبل أن يتساقط الجلد ويتشقق الرأس، وما زال بالجسم بعد مظاهر الحياة، أم بعد أن يتحلل ويبلى وتأكله الديدان؟ وهل ستنتظر الروح قبل أن تعود تحول الجسد وفناءه حتى تعود إليه وتحييه؟ وكم من الوقت تظل حياة القبر قبل أن يبدأ الموت الثاني انتظارا للبعث والنشور؟ وهل تحفظ الروح الجسد من البلا إذا ما عادت إليه؟ وهل تحرك الروح الجسد، وتجعله قادرا على الكلام؟ يبدو أن عودة الروح إلى الجسد الغرض منها الرد على الأسئلة التي يلقيها الملكان؛ فتانا القبر، وكأن دور الإنسان في الإجابة فحسب دون إلقاء أي سؤال أو اعتراض!
अज्ञात पृष्ठ