आस्था से क्रांति तक (1): सैद्धांतिक परिचय
من العقيدة إلى الثورة (١): المقدمات النظرية
शैलियों
ولولا توقف العلم في القرون الأخيرة لتطور ولابتلعت المقدمات النظرية - نظريتا العلم والوجود - الموضوعات الكلامية كلها، وتحول علم أصول الدين إلى علم إنساني خالص.
والسؤال الآن: لماذا سادت علوم الحكمة أولا، ثم علوم التصوف وعلوم الفقه ثانيا؛ علم أصول الدين المتأخر؟ هل تم ذلك لتوحيد العلوم الإسلامية في علم حضاري واحد يجمع بين التنزيل والتأويل، بين النظر والذوق، أم أنه هزيمة لعلم الكلام الأشعري الذي ساد منذ القرن الخامس حتى الآن، بما في ذلك الحركات الإصلاحية الحديثة، والذي كان بطبيعته قابلا للتأقلم مع باقي العلوم النقلية العقلية؟ فالفلسفة إشراقية، والتصوف أشعري، والفقه يقوم على الطاعة المطلقة للإرادة الإلهية، والنظام الاجتماعي السياسي نظام تسلطي يهمه الإبقاء على هذا التراث طالما يحث على طاعة أولي الأمر.
32
ومع ذلك يظل لعلم الكلام المتأخر الفضل في تأسيس نظرية العلم على أساس أن مبادئ العلم بينة بذاتها دون التوحيد التام بين النظرية العقلية والموضوعات الكلامية. واعتماد علم الكلام على النظرية العقلية كاعتماد أصول الفقه على اللغة العربية اعتمادا لا ينفي استقلال موضوع علم الكلام أو موضوع الأصول؛ ومن ثم تكون مبادئ الشرعي في غير الشرعي دون أن يؤدي ذلك إلى وقوع في الدور؛ لأن مبادئ غير الشرعي بينة بذاتها. النظرية العقلية هي في نفس الوقت نظرية في البداهة، وبالتالي يمكن تأسيس العلم لأن هناك نقطة يقينية أولية هي البداهة العقلية، خاصة إذا كان الشرعي نفسه يقوم عليها.
33 (6) اختفاء نظرية العلم
وتبدأ نظرية العلم في الاختفاء حتى في المؤلفات المتأخرة التي يكتمل فيها العلم. ففي زحمة الموضوعات الكلامية وفي مقدمتها موضوع التنزيه، والذي يبتلع ما دونه من الموضوعات، تختفي نظرية العلم وكأنها مقدمة غير ضرورية أمام الإلهيات.
34
وفي عصر الشروح والملخصات تبدو نظرية العلم وكأنها تجميع بني نظرية المعرفة ونظرية المنطق دون أن تأتي بجديد، باستثناء عرض بعض المسائل التي ظهرت من قبل، ودون أية مساهمة في الكشف عن أحد جوانب البناء أو إعادة البناء كله من جديد. فنظرية العلم التي بدأت كمسائل متفرقة عادت أيضا كما بدأت بضع مسائل متفرقة، وفقدت رابطها الداخلي وعنفوانها النظري الذي استطاعت به أن تؤسس الإلهيات.
35
ثم تحول الوجوب العقلي والوجودي الذي صاغته نظرية العلم بعد اكتمالها إلى الوجوب الشرعي. وأصبح على المسلم أن يؤمن بالواجب الشرعي الذي أصبح بديلا عن الواجب النظري. اختفى النظر، وأصبح الإيمان بالعقائد بمثابة إقامة الشعائر، كلاهما تسليم بنظر أو بعمل، وتقبل للواجب دون أي إعمال للعقل، وهو ما عرف باسم كتب العقائد والثناء عليها، والإكثار منها ومن شروحها، وتدريسها في المعاهد الدينية والكليات الأزهرية حتى الآن، بل لقد عرفت العقائد باسم واضعها؛ نظرا لأنها لا تتمايز في شيء إلا باسم عارضها.
अज्ञात पृष्ठ