आस्था से क्रांति तक (1): सैद्धांतिक परिचय
من العقيدة إلى الثورة (١): المقدمات النظرية
शैलियों
ويتحدد بناء العلم في النهاية كبناء كامل ينسج على منواله معظم المؤلفين الأشاعرة في المقدمتين النظريتين، العلم والوجود، والمحورين الأساسيين، الإلهيات والسمعيات، فيقوم العلم مثلا على أركان أربعة: المقدمات، وأحكام الموجودات، والإلهيات، والسمعيات، ولأول مرة تكون المقدمتان أكثر من نصف مادة العلم كله مما يدل على مدى تأخر فكرنا المعاصر باختفاء المقدمات، وتحويلنا العلم إلى مجرد عقائد يجب التسليم بها عن طريق الإيمان، وتبلغ نظرية الوجود وحدها أكثر من ضعفي نظرية العلم مما يشير أيضا إلى مدى تخلف فكرنا المعاصر من اختفاء بعد الوجود منه، وضياع الطبيعة، وطمس الواقع في وجدانه، أما الإلهيات فإنها تشمل موضوعات أربعة: الذات، والصفات، والأفعال، والأسماء؛ ولأول مرة يضاف إلى نظرية الذات والصفات والأفعال مبحث رابع هي الأسماء، وتشمل الأفعال مبحث خلق الأفعال، والحسن والقبح، وهما المبحثان الرئيسيان في أصل العدل، وتعادل الإلهيات السمعيات مرة ونصف، مما يدل على استمرار هذا النمط حتى الآن في فكرنا المعاصر، أما السمعيات فإنها تشمل لأول مرة بوضوح الموضوعات الأربعة: النبوات، والمعاد، والأسماء والأحكام، والإمامة، ولكن النبوة والمعاد يشملان ثلاثة أرباع العلم، في حين يشمل الإيمان والعمل مع السياسة الربع الأخير، مما يدل على تواري العمل والسياسة في حياتنا المعاصرة أمام التفكير النبوي والأخروي، وتتعادل النبوة والمعاد من حيث الكم، وهو ما يحدث بالفعل في فكرنا المعاصر من تبادلهما الظهر فيه، أما أقل الموضوعات كما فهو موضوع الإيمان والعمل، مما يوضح ما نحن فيه الآن من تواري العمل الفردي والجماعي.
6
وقد يقوم العلم على بناء ثلاثي مع مقدمة واحدة تشمل نظرية العلم وحدها، والتي تبلغ من حيث الكم ثمن العلم، أما نظرية الوجود فإنها لأول مرة تدخل في بناء العلم، وتمثل أكثر من نصف مادة العلم كله، إلهياته ونبواته، مما يدل على أن فكرنا المعاصر قد سار على هذا النمط في اختفاء نظرية العلم لأنها لم تكن داخلة في بنائه، بل ظلت مقدمة نظرية له، وتخلف عن هذا النمط أيضا بإسقاطه الوجود من حسابه بعد أن أدخله بناء العلم القديم كجزء منه، فبعد المقدمة النظرية عن العلم يكون العلم ذا بناء ثلاثي في ثلاثة كتب: الأول في الممكنات، والثاني في الإلهيات، والثالث في النبوة؛ الممكنات هي المعلومات، والموجودات والإلهيات هي ذات الله وصفاته وأفعاله، وهي تعادل النبوة من حيث الكم، ويختفي العدل كما هي العادة في الأفعال، أما النبوة فإنها تكون الاسم المفضل عن السمعيات نظرا لأهمية النبوة، وفيها تظهر موضوعات ثلاثة فقط: النبوة، والمعاد، والإمامة، وتتعادل فيما بينها من حيث الكم، وتسقط الأسماء والأحكام مما يدل على تواري العمل من فكرنا ومن وجداننا المعاصر.
7
وقد يقوم العلم على بناء سداسي، وهو ما وصل إليه البناء من اتفاق واستقرار، يشمل البناء ستة مواقف، الأربعة الأولى منها في المقدمات النظرية، والاثنان الأخيران في العلم ذاته؛ أي في الإلهيات والسمعيات، ولأول مرة، يدخل العلم والوجود معا كجزأين من بناء العلم، وليسا فقط كمقدمتين نظريتين له، وفي نفس الوقت يفوقان العلم ذاته من حيث الكم؛ إذ يبلغان ثلاثة أرباع العلم، ولا يبقى للإلهيات والسمعيات إلا الربع الأخير، ولو أن العلم تطور في مساره الطبيعي الارتقائي منذ القرن الثامن حتى الآن لكانت المقدمات النظرية هذه قد ابتلعت العلم كله خاصة ما تبقى منه، الإلهيات والسمعيات، خاصة بعد أن تحولت الإلهيات إلى عقليات؛ وبالتالي لا يبقى إلا السمعيات، وإن محاولتنا هذه «من العقيدة إلى الثورة» هو استئناف طبيعي لتطور العلم المتوقف منذ القرن الثامن حتى الآن باستثناء «رسالة التوحيد» في القرن الثالث عشر، وجعله كله عقليات تقوم هي ذاتها على التجارب الحية؛ أي الوجدانيات التي تنكشف «الواقعيات» من خلالها؛ أي واقع العصر، وقضاياه المصيرية، وأحداثه التاريخية. إن الذي حدث منذ القرن الثامن حتى الآن هو أن العلم نكص راجعا إلى الوراء، فاختفت المقدمات النظرية، العلم والوجود، وتحولت الإلهيات والسمعيات إلى محوري العلم الأساسي، الله والنبي. فضاع العلم وضعنا معه، ويفوق الوجود العلم بحوالي خمسة أضعاف مما يدل على أن تحليل الوجود الذي يأخذ وحده أكثر من نصف العلم، ويشمل ثلاثة مواقف من ستة، هو الوريث الوحيد لعلم أصول الدين، وأن «الأنطولوجيا» هي النهاية الطبيعية ل «الثيولوجيا»؛ فالإلهيات ما زالت مشخصة في وثنية عقلية، في حين أن تحليل الوجود العام هو أقصى درجات التنزيه، وقد تفصل مبحث الوجود حتى احتاج هو ذاته إلى مقدمات نظرية، هي «الأمور العامة» بدل أن كان هو مقدمة نظرية للعلم ذاته، بالإضافة إلى مبحثي «الأعراض والجواهر» بعد أن كانا مبحثا واحدا، أما الإلهيات فإنها تتعادل من حيث الكم مع السمعيات، وتشمل الذات والصفات والأفعال والأسماء، ويختفي العدل بمسألتيه، خلق الأفعال، والعقل والنقل من الأفعال، أما السمعيات فإنها تشمل الموضوعات الأربعة: النبوات، والمعاد، والأسماء والأحكام، والإمامة. وهو ما يحدث في فكرنا المعاصر من تركيزه على النبوة والمعاد، ثم يأتي العمل في النهاية، ثم يضاف تذييل في الفرق، وذلك عندما يتحول تاريخ الفرق إلى موضوع بنائي كنواة للتاريخ الذي لم يقدر له الظهور في بناء العلم إلا على هذا النحو الإضافي،
8
ويتحدد بناء العلم السداسي هذا عن وعي من المصنف الذي يحاول تعقيل البناء طبقا للتحليل العقلي الخالص.
9
وقد يدور بناء العلم أيضا على ستة أبواب على نفس المنوال السابق، حيث يدخل العلم والوجود معا في بناء العلم في البابين الأولين، وهما يشملان معا ثلاثة أخماس العلم، ومادة العلم ذاته الخمسان الباقيان، ولكن يتوارى العلم من المقدمتين، ولا يبلغ أكثر من جزء من أربعة عشر جزءا، في حين أن الوجود يشمل الثلاثة عشر جزءا الباقية، يشمل العلم الباب الأول في حين يشمل الوجود الثلاثة أبواب التالية، مما يدل أيضا على تواري العلم في حياتنا المعاصرة، بالإضافة إلى تواري الوجود أيضا إلا من الإحساس به كضنك وأزمة تنتظر الفرج أو نتكالب عليه لاحتوائه دون أن نراه أو نتصوره، ويفصل مبحث الوجود إلى مقدمة عن الأمور العامة، ثم ينفصل مبحثا الأعراض والجواهر، كل منهما في مبحث مستقل، أما الإلهيات فإنها تعادل السمعيات من حيث الكم، ولكنها بدأت تتخلى عن الذات والصفات والأفعال، وظهرت المسائل في مطالب وكلام وفصول، يجمعها الأصلان، التوحيد والعدل، ويتساويان من حيث الكم؛ أي أن مسائل العدل عادت للظهور كصحوة أخيرة قبل الموت النهائي في علم الكلام العقائدي، أما السمعيات، فإنها تشمل الموضوعات التقليدية الأربعة، النبوة، والمعاد، والإيمان والعمل، والإمامة، ويبلغ الإيمان والعمل نصف السمعيات من حيث الكم، وتلك صحوة أخرى قبل النهاية؛ وذلك لأن هذا الموضوع كان يأتي باستمرار في النهاية من حيث الأهمية والكم، بل كثيرا ما كان يتم إسقاطه، وإقصار السمعيات على موضوعات ثلاثة فقط، وبعد الإيمان والعمل في الأهمية والكم يأتي المعاد ثم النبوة، وتأتي الإمامة في النهاية، ولا تمثل إلا ثمن العلم مما يدل على ضعف أهمية السياسة في وجداننا المعاصر.
10
अज्ञात पृष्ठ