आस्था से क्रांति तक (1): सैद्धांतिक परिचय
من العقيدة إلى الثورة (١): المقدمات النظرية
शैलियों
بعد أن ظهرت الموضوعات من خلال الفرق، والفرق من خلال الموضوعات، وقبل أن يتحدد بناء العلم النهائي ظهرت أيضا عدة مسائل كلامية مستقلة عن الفرق، ثم ظلت تتحد فيما بينها في فصول، وتندرج الفصول تحت أبواب، والأبواب تحت أصول حتى تظهر في النهاية أصول العلم والتي يمكن بعد ذلك من تكوينها في البناء النهائي للعلم، وإذا جاز نمط التقابل الماضي في تحديد الصلة بين الموضوعات والفرق، فإن نمط التدرج والتكوين والتجميع هو الذي يساعد على فهم تكوين البناء النهائي الذي يمكن وصفه كالآتي: (1) من الأقوال المتفرقة إلى الموضوعات المتناثرة
ظهرت بعض الأقوال المتفرقة أو الكلام ينشأ حولها الجدل، هجوما أو دفاعا. هنا يبدو العلم ناشئا من الخصام بين المتحاورين، والصراع بين المواقف المذهبية دون أن يكون له عرض عقلي شامل، وكما هو الحال أحيانا في بيئتنا الثقافية المعاصرة عندما تغلب عليها الأقوال دون الأصول، في هذه المؤلفات الجدلية في الرد على الخصوم لا يكون للعلم بناء معين، بل يدور حول موضوعات متفرقة يجمعها من بعيد البناء العام للعلم، قد يكون للرد على الخصوم بناؤه الشكلي الخاص، وهو دفاع المؤلف عن مذهبه أولا ثم هجومه على مذهب الخصم ثانيا أو الهجوم على مذهب الخصم أولا ثم الدفاع عن مذهبه ثانيا، ويكون ذلك إما بإيراد أقوال الخصم نصا ثم الرد عليها أو بإيراد مقالته معنى ثم تفنيدها، ويتم ذلك عن طريق تصحيح الرواية حتى تنقل المقالة على الوجه الصحيح أو تصحيح فهم المقال ضد التشويه المتعمد إما بالنقص أو الزيادة أو التحريف أو التأويل، وهذا مجاله منطق الجدل وأساليبه وليس موضوعات الكلام، ويتعلق بأساليب البيان أكثر من تعلقه بمضمون البيان.
1
كان العلم إذن مجرد مناقشة حول مقالات نظرية دون أن تندرج في بناء نظري للعلم، وكان معظمها يدور حول المعاد والطبيعيات والنبوة وبعض مسائل الفقه والإمامة، ولكن الغالب على المقالات موضوعات المعاد والطبيعيات والإمامة، وهي موضوعات النزاع التي تحاول أن تجد نفسها كموضوعات مستقلة قبل البحث عن أساس نظري أو بناء عقلي لها، ولكن تظل هناك ميزة وهو الحوار والنقاش والصراع الفكري، وهو ما ينقص بيئتنا الثقافية المعاصرة نظرا لغياب التيارات الفكرية والمدارس الفلسفية باستثناء حركات الإصلاح الدينية الحديثة التي لم تؤت كل ثمارها، بل أوشك صوتها أن يخفت دون صوت بديل.
ثم تظهر المسائل من خلال الأقاويل والآراء والمناقشات، وتحدد المعاني والأوصاف، ولكن يبدأ العلم في الظهور من خلال المسألة، والمسائل كلها تشير من بعيد إلى بناء العلم النهائي الذي سيظهر فيما بعد، تشمل المقدمات - نظريتا العلم والوجود - حوالي عشر العلم على خلاف ما سيبدو في النهاية من ابتلاع هذه المقدمات للعلم ذاته حتى إنها بلغت ثلاثة أرباعه، أما الإلهيات فإنها تشمل حوالي ثلثي العلم، التوحيد الثلث، والعدل الثلث الآخر في مقابل السمعيات التي تشمل الثلث الأخير مما يدل على أهمية الإلهيات قبل السمعيات نظرا لوجود الأخطار التي تواجه التوحيد بصورة أكثر من الأخطار التي تواجه السمعيات، وتتداخل مسائل التوحيد مع مسائل الوجود أعني دليل الحدوث وهو ما زال حاصلا حتى البناء النهائي للعلم، وما زال متحققا في وجداننا المعاصر من ربط بين الوجود والله أو بين الطبيعيات والإلهيات، كما تظهر الفرق الإسلامية والفرق غير الإسلامية المعارضة مما يدل على أن العلم من حيث هو بناء ما زال مرتبطا بالعلم من حيث هو تاريخ، أما السمعيات فإنها لا تشمل إلا النبوة والمعاد، والأسماء والأحكام، وتسقط الإمامة من الحساب، وكأن السياسة لا أهمية لها، وهو ما نعاني منه حتى الآن من فتور الناس من قاموس السياسة، والنبوة أهم الموضوعات السمعية لدرجة أنها من حيث الترتيب تأتي بعد التوحيد مباشرة وقبل العدل، ويتم إثباتها ضد منكريها، وتظهر الفرق أيضا ضمن هذا الإنكار، كما أنها تبلغ من حيث الكم أقل من نصف السمعيات كلها، وضعف الأسماء والأحكام التي لا تتجاوز خمس السمعيات، كما يعادل المعاد النبوة من حيث الكم، وهما معا يشملان أربعة أخماس العلم، وهو ما زال حاصلا في وجداننا المعاصر من سيادة السمعيات وعلى رأسها أمور المعاد.
2
ويستمر التصنيف في المسائل إلى ما بعد ظهور الأصول وإلى ما بعد اكتمال البناء، وكأن المسألة هي الغاية النهائية من إقامة العلم حتى إن المسائل فيما بعد تحولت إلى عقائد، وعادت الأمور مثلما بدأت منه، من العقائد إلى المسائل ثم من المسائل إلى العقائد من جديد، ففي المسائل المتأخرة يسقط العلم كما سقط في العقائد المتأخرة، وكما يغيب في وجداننا المعاصر، ويبلغ الوجود سدس العلم، أي أن موضوعات العلم الإلهية والسمعية ما زالت هي السائدة على المقدمات النظرية، أما الإلهيات فإنها تشمل أربعة أخماس العلم، والسمعيات الخمس الأخير، وفي الإلهيات هذه يمثل التوحيد ستة أضعاف العدل مما يدل على تواري العدل وتقهقره عن التوحيد حتى يضيع كلية في العقائد المتأخرة، ويختفي من وجداننا المعاصر، وفي السمعيات تختلط مسائل النبوة بالمعاد، وتبدأ الإمامة بالدعوة إلى السلطان كما نفعل في أيامنا هذه، ويسقط الإيمان والعمل كما يسقط في عالمنا اليوم، وهو ما حاولت الحركات الإصلاحية الوقوف أمامه، وإبراز موضوع الإيمان والعمل من جديد مع إعطاء الأولوية للعمل على الإيمان.
3
وفي دوائر المعارف المتأخرة، يعود العلم من جديد إلى الظهور من خلال الكلام، أي حتى ما قبل المقالات والمسائل، ولكن يوحي مجموع الكلام بالبناء العام للعلم الذي بدأ يتوارى أيضا حتى يفسح المجال للعقائد، فالمقدمات التي تشمل نظريتي العلم والوجود تغطي ربع العلم، أما الإلهيات فإنها تعادل نصف العلم، والسمعيات تمثل ضعف الإلهيات، وهو ما زال سائدا في وجداننا المعاصر مع ضنك العيش، وتأزم الحياة، وفي الإلهيات يضم التوحيد العدل ويحتويه في الأفعال ويكون ضعفه، أما السمعيات فإن الإمامة تسقط منها مما يشير إلى انحسار السياسة من فكرنا الديني المتأخر ، ونفورنا منها في واقعنا الحالي بعد تحولها إلى تجارة ومهنة وربح ومكسب، ويعود تاريخ الفرق في الظهور في ختام السمعيات، وفي موضوع الإيمان،
4
अज्ञात पृष्ठ