आस्था से क्रांति तक (1): सैद्धांतिक परिचय
من العقيدة إلى الثورة (١): المقدمات النظرية
शैलियों
أو على نسق من العقائد
Crédo
كأشياء مستقلة بذاتها لا تقبل التغيير والتبديل، تطابق حوادث تاريخية وقعت بالفعل كما هو الحال مثلا في العقائد المسيحية. العقائد في مرحلة اكتمال الوحي تصورات للعالم أو نظريات تكون أساسا للسلوك، يمكن التحقق من صدقها من خلال التجارب الحية في الحياة اليومية للأفراد والجماعات، في الحاضر وعلى مسار التاريخ، العقائد أفعال للشعور نظرية وعملية وليست «أشياء» موجودة في التاريخ وحوادث وقعت فيه بالفعل، هي بواعث على السلوك وليست حقائق مستقلة لها وجودها المنفصل عن موجهات السلوك، إن تحويل العقائد كلها من العمل إلى النظر لهو خروج عن القصد من العقائد، فالعقائد ليست نظريات بقدر ما هي دوافع للسلوك، وبواعث على العمل، العقائد تكون نواة أيديولوجية كاملة: نظرا وعملا، فكرا وسلوكا، يتحول فيها التصور إلى نظام، والعقيدة إلى شريعة،
20
ومن المستحيل تقنين الاعتقاد أو تحويله إلى عقائد، فالاعتقاد ليس غاية في ذاته بل هو وسيلة للتأثير في الحياة العملية، الاعتقاد وظيفة سلوكية لا حقيقة نظرية أو صياغة لغوية أو واقعة تاريخية مستقلة بذاتها، الاعتقاد لا يتحدث عن أشياء بل يوجه سلوكا، هو الدافع على الفعل، والباعث على العمل، والجامع للنية، والمحقق للقصد، والمحرك للإنسان، الاعتقاد جهد، ولا يمكن تصوير الجهد بالعقل أو التعبير عنه بالمنطق. ليست العقائد أشياء ثابتة بل مقاصد عامة تحقق منافع الناس وتدبر معاشهم، لم تكن العقائد في نشأتها، وبداية إعلانها عقائد نظرية بل بواعث على السلوك، ولم تنتقل من العمل إلى النظر إلا بعد توقف العمل والبدء في التساؤل النظري عن أساس العمل، ظهر علم العقائد بعد أن توقفت ممارسة العقائد ولم تعد موجهة للسلوك، تظهر ناتئة عنه، طائرة فوقه، فإذا نقص التوجه نحو الأرض ظهر الانعراج نحو السماء، والذي يحقق الله في الحياة العملية لا يسأل عن معنى الله، والذي يمارس حريته في التاريخ لا يسأل عن معنى الجبر والاختيار، والذي يجعل نفسه مسئولا عن الخير والشر في العالم لا يفترض مسئولية الله عنهما، تحضر العقيدة النظرية في غياب الممارسة العملية. ليس العمل إذن هو ضعف في التأمل، ولكن التأمل ضعف في العمل.
21
لذلك أدى «علم العقائد» أو علم الكلام إلى نتائج خطيرة بالنسبة للوحي والإنسان والمجتمع والواقع والتاريخ، تحول التوحيد من مستوى العمل إلى مستوى النظر، وكل تحول من العمل إلى النظر ضمور في التوحيد، كان التوحيد في أول تمثله توحيدا عمليا، ولم تطرح المسائل طرحا نظريا إلا بعد أن ضمر الفعل فتصرفت الطاقة في التساؤل النظري، وكلما ضمر الفعل زادت حدة التساؤل، وتطايرت الرقاب من أجل النظريات في «ذات الله» بعد أن كانت تتطاير من أجل الجهاد في سبيل الله، لم تكن هناك نظرية في التوحيد ساعة تمثله الأول، بل كانت هناك «عملية توحيد» أي تحويل الواقع إلى مثال، وتحويل المثال إلى واقع، فالوحي نظام مثالي للعالم، والعالم نظام طبيعي للوحي حين تزدهر الطبيعة أو يستوي الواقع، لم يوجد «علم العقائد» في الجماعة الأولى لأن التوحيد كان عمليا لا نظريا، التوحيد عملية توحيد بين الفكر والواقع وليس نظرية توحيد بين الممكن والواجب، ولا يعني انتشار ثقافات أخرى في الحضارة الناشئة أي تغيير في الجهة، وتحويل للتوحيد من العمل إلى النظر، فالمعركة الفكرية النظرية ليست بديلا عن المعارك العملية الاجتماعية والسياسية.
22
والخطورة أكبر إذا ما تم وضع «علم العقائد» في إطار علم تاريخ الأديان أو في تاريخ الفكر البشري؛ وبالتالي تضيع خصوصية «علم التوحيد» كنمط جديد لعلم العقائد، فالعقائد لها معنى نمطي في تاريخ الأديان، وهي أنها ضد العقل، فوق العقل، سر لا يمكن إدراكه بالعقل، بل إنها على نقيض العقل، تناقض بل وربما أيضا على نقيض الأخلاق، وضد الطبيعة، ولهذا يؤمن بها الناس، وإلا فلماذا يؤمن الناس بالعقائد إذا كانت مفهومة بالعقل، معقولة بالأخلاق، ومدركة بالطبيعة، لها سلطة تقننها؛ لأنها لا تنبع من طبيعة العقل أو من ثنايا الطبيعة، وهي سلطة يجب التسليم بمقرراتها دون اعتراضها؛ لأنها تعبير عن «الروح القدس» في التاريخ، لها صحة مطلقة خارج التاريخ، لا تتغير، ثابتة مهما تغيرت الظروف والأحوال مما أدى بالناس إلى رفضها كلية وإيثار الحقائق المتغيرة التي تعبر عن مصالحهم واحتياجاتهم ومستواهم الإنساني، وهي مقدسة لم يأت بها بشر، بل من وضع الله الذي أتى بشخصه إلى البشر وجسدها إمامهم عيانا،
23
अज्ञात पृष्ठ