मिन अकीदा इला थौरा इमान
من العقيدة إلى الثورة (٥): الإيمان والعمل - الإمامة
शैलियों
تعني الشروط العادية الشروط التي جرت العادة على التسليم بها وتحققها بالفعل في التاريخ، ويؤيدها استقراء الحوادث وصفات الأئمة في كل العصور، وعدم شيوع الاستثناء إلا في أقل الحالات. وهي بهذا المعنى شروط ممكنة؛ أي يجوز أن تكون على خلاف ما هي عليه، ولكن الواقع هو الذي يضعها، والواقع أساس الوحي، ولكنها شروط ليست نظرية بمعنى لا تعبر عن مبدأ نظري عام مثل الشروط الواجبة. ويأتي في مقدمتها شرط الإسلام؛ فالحكم شرعي، والإمامة تطبيق لأحكام الشريعة، وأهل الحل والعقد مسلمون، والبيعة تتم لواحد منهم؛ فهذا حكم واقع وليس حكم مبدأ. وليس هناك مانع نظري من أن يكون كتابيا عالما بالشريعة وحريصا على الأمة وعلى مصالحها حرص المسلم تماما، مع توافر الشروط الضرورية فيه. ولكن الواقع شيء والمبدأ شيء آخر، والضرورة العملية غير الضرورة النظرية. تأخذ الضرورة العملية أهواء الناس وانفعالاتهم وكل مكونات الوجود الإنساني؛ لذلك يجوز أن يكون العمال والولاة من أهل الكتاب نظرا للطبيعة العملية التنفيذية للمنصب. ويؤيد ذلك استقراء حوادث التاريخ.
47
أما الحرية فهي قضية تاريخية صرفة، وليست قضية نظرية. فليس هناك عبودية اليوم بعد انتهاء الرق من تاريخ البشرية. كل البشر أحرار بمعنى أنه لا يمتلكهم أحد. وإذا كانت هناك أمم أو أنظمة أو حكام من العبيد، فإن ذلك يكون مجازا لا حقيقة؛ أي فقدان الاستقلال والوقوع في التبعية. فالحرية لا تعني الآن التحرر من الرق، فلا يوجد سوق نخاسة، ولكن هناك الرق السياسي، وهو تبعية الحاكم إلى معسكر أو نظام أو حلف أو الاستسلام للضغوط الخارجية.
48
وطالما قامت ثورات للعبيد يقودهم عبيد. فليس العبد مستحقرا لخدمة سيده يؤمر فيعصى، ولكنه إذا كان ثائرا على الظلم عاملا على تحرير العبيد فهو حر. وطالما هناك أحرار لا يملكهم أحد، وهم عبيد المال والجاه والسلطان والغريب.
أما الذكورة، كون الإمام رجلا، فقد جرت العادة بذلك باستقراء حوادث التاريخ، وقلما يوجد حاكم اختاره الناس بيعة وعقدا وكان امرأة. وهذا لا يمنع من وجود علماء وقواد عظام من النساء. ربما أن البشرية كلها تمر الآن بهذه المرحلة منذ آلاف أخرى من السنين، وليس السبب في ذلك أن النساء ناقصات عقل ودين، فقد يكون السبب في هذين الشرطين، الحرية والذكورة، القدرة على اتخاذ القرار المستقل؛ فطالما أن العبد مطيع لسيده، والمرأة تحت إمرة زوجها، يصعب إيجاد استقلال للقرار السياسي. وما دامت الغاية، وهي استقلالية هذا القرار، قد تحققت، فلا يهم بأية وسيلة كانت.
49
أما البلوغ فلأن العقل شرط التكليف. ولما كانت الإمامة فرضا شرعيا فإن العقل أو البلوغ شرط التكليف فيها؛ ومن ثم لا تجوز إمامة صبي حتى ولو كان هناك أوصياء عليه. كما لا تجوز إمامة المجنون؛ لأنه فاقد للعقل شرط التكليف. وما دام الصبي أو المجنون لا يلي أمر نفسه، فكيف يكون واليا على غيره؟
50
وتذكر هذه الشروط العادية الأربعة في العقائد المتأخرة معا؛ مما يدل على وجودها في نوع واحد، وتضم في العدل بعد أن يفقد معناه الاجتماعي. فيفسر العدل تفسيرا أخلاقيا؛ أي المسلم الحر الذكر العاقل البالغ، كما هو الحال في القضاء والشهادة، والمعنى الشامل لذلك عدم الفسق. وتكفي في العدالة الظاهرة دون الباطنة؛ فالإمامة ولاية عامة تتعلق بمصالح الأمة وبظواهر الأفعال دون بواطنها.
अज्ञात पृष्ठ