मिन अकीदा इला थौरा इमान
من العقيدة إلى الثورة (٥): الإيمان والعمل - الإمامة
शैलियों
وقد تمت قراءة حوادث التاريخ في النصوص حتى أصبحت النصوص تنبؤات بالحوادث أو توجيهات للوقائع. وإن استحال تأويل النصوص بحيث تتطابق مع حوادث التاريخ أصبحت محرفة مبدلة، أو منسوخة مرفوعة لا يمكن الحكم فيها إلا للإمام المعصوم. وقد يوحي ذلك بأن صفات الإمام الأسطوري نابعة من النصوص، وهي في الحقيقة تعبير عن الأوضاع النفسية والاجتماعية والسياسية لمجتمع الاضطهاد في مواجهة مجتمع القهر والغلبة.
8
فالتجارب الحية داخلية محلية، ثم تم نسج كثير من صور الخلود والرجعة طبقا لنماذج في البيئات الدينية المجاورة بعد أن تم التعرف عليها. وقد كان كثير من المنظرين على علم بها أو ينتسبون إليها قبل الانتساب إلى الحضارة الجديدة الناشئة؛ فقد ظهر من قبل خداع الحواس في رؤية الواقع، كما هو الحال في رؤية المسيح عيسى بن مريم، ولم يمت الإمام حقا، بل شبه لجماعته أنه كذلك، أو أن شخصا آخر قد مات بدلا عنه، وقد يكون الشيطان قد تمثله. صعد الإمام إلى السماء كما صعد عيسى ودانيال وعزرا؛ مما يدل على أهمية تاريخ الأديان في الوعي الاجتماعي كأنماط مثالية ينسج الخيال عليها. وقد كان أوائل المنظرين من اليهود، وعقائد الخلود والرجعة موجودة في الكتب المقدسة السابقة. وإن اتحاد الإمام بمظاهر الطبيعة وتشخيص صفاته فيها معروف أيضا في الأناجيل. وقد حدث ذلك للمسيح ساعة الصلب عندما اكفهر الجو، وأمطرت السماء، واشتد الرعد، وسطع البرق، ووقع الزلزال، واهتزت الأرض، وهبت الريح، وطارت العواصف، تعبيرا عن بشاعة الجرم. وقد ظهر المسيح في رؤيا يوحنا راكبا حصانا أبيض وهو يقاتل التنين وينتصر عليه. كما صارع أيوب الشيطان تعبيرا عن الصراع بين الخير والشر، وأملا في النصر. وكما ينزل المسيح في آخر الزمان ليقتل المسيح الدجال رمز الشر في كل دين، ويخلص الناس من شره، كذلك يفعل الإمام؛ فالإمام هو المخلص. وقد ظهرت هذه العقيدة في كل دين، وقامت بدور هائل إن لم يكن الدور الرئيسي في قيام الحركات الدينية السياسية، وقلب أنظمة الحكم وإقامة أنظمة جديدة؛ ففي اليهودية القديمة ظهرت عقيدة المخلص «المشيانية» الذي سيخلص بني إسرائيل من الأسر البابلي، كما ظهرت في المسيحية الأولى التي اعتبرت المسيح هو المخلص، وفي معظم الديانات التاريخية قامت عقيدة المخلص بأدوار تحررية في تحرير الجماعات من الاضطهاد الداخلي والسيطرة الأجنبية. لا تظهر العقيدة في فترات الانتصار، ولا تظهر إلا أوقات الهزيمة وفي جماعات الاضطهاد.
9
ولا يمنع ذلك من وجود مقاصد لدى المنظرين الأوائل الذين كانوا ينتسبون إلى هذه البيئات الدينية والحضارية المجاورة يجعلهم يروجون لعقائد جديدة دخيلة لتحقيق نوع من الضياع النظري. فإذا كان هناك عجز في مواجهة الدين الجديد على مستوى الفتوح في الأرض، فيمكن الطعن فيه من الخلف، في العقائد النظرية، سبب قوته، في وقت لم تختف فيه الشعوبية بعد، وهي تصور الحكم الجديد للعرب والقديم للفرس دونما مغالاة في التفسير التآمري لحوادث التاريخ.
10 (1-2) الغيبة والانتظار
فإذا كان الإمام خالدا وراجعا لأنه لم يمت، أبديا أزليا، ومع ذلك فإنه غائب يجب انتظاره. ومكان الغيبة في الدنيا، في الجبال أو الفيافي والقفار، إلى أن يحين وقت خروجه قادما من الصحراء إلى الخضر. وتظل الجماعة في التيه لحين ظهور الإمام وحضور ملكه. ولما كانت الأرض لا تخلو من إمام، فهناك القائم نائبه. وقد تكون الغيبة غيبتين؛ الغيبة الأولى يتلوها ظهوره كبشارة أولى وثقة في النصر، ثم تأتي الغيبة الثانية
11
للاختلاف التاريخي حول الغائب، هذا أو ذاك؛ لأن الأمر كله تجربة شعورية لا تدل على وقائع، نشأت في بيئة نفسية واجتماعية معينة. ولما لم يظهر الإمام، ولم يرجع المهدي المنتظر، ولم تنتصر الجماعة، كان مصيرها جميعا بلا استثناء القتل والهزيمة. ومع ذلك تخلق عقيدة المهدية أشخاصها. وما الفائدة أمام غائب يعيش في بطون الجبال والكهوف أو في الصحراء ينتظر القوم رجوعه؟ وما الفائدة من إمام حي لا يفعل ولا يؤثر ولا يتصل بالبشر؟ كيف يقودهم ويخلصهم ويعلمهم ويؤمهم؟ والغيبة غير محددة، قد تطول وقد تقصر، وقد تستمر بالقرون ولا يظهر الإمام المنتظر. يتغير الكون، وتتغير ظروف الجماعة، ويظل الإمام القائد لا يتغير. هل يعلم الإمام الظروف الجديدة؟ هل يظهر أثناء هذه المدة من يأخذ حقهم، مثل نائبه؟ وعقيدة انتظار المخلص معروفة في جميع الأديان، تنشأ من الإحساس بالاضطهاد كما حدث لدى الشيعة، ومن العجز عن استرداد الحق الضائع، يمكن قراءتها في النصوص الدينية حتى يحدث التطابق بين التجربة الحية وحجة السلطة،
12
अज्ञात पृष्ठ