मिन अकीदा इला थौरा इमान
من العقيدة إلى الثورة (٥): الإيمان والعمل - الإمامة
शैलियों
ويطغى مبحث الجواهر والأجسام على مبحث الأعراض والكيف؛ وذلك تكفيرا للقائل بالموقف الطبيعي من أجل هدم القانون وإثبات لقدرة الله المطلقة القادرة على إيجاد جواهر بلا أعراض، أو أعراض بلا جواهر، وإنكار نظريات الكون والطفرة والتولد وخلق الأجسام لأعراض بذاتها؛ وبالتالي يتم تدمير الطبيعة لحساب الله، أي القضاء على العالم لحساب السلطان، مع أن خلق الطبيعة لذاتها ليس إنكارا للخلق. والخلاف هو: هل الخلق من الخارج أم من الداخل؟ هل هو خلق وفق إرادة مطلقة أم أنه يتم وفقا لقانون؟ وكيف يخلق الله الشرور والآثام والعقارب والحيات والآفات؟ وهل يصدر عن الخير شر، وعن الحكمة سفه، وعن الإتقان خلل؟ وأيهما أكثر تنزيها لله؛ أن يكون هو خالق الشر أم أن يكون الإنسان مصدر الشر؟ وإذا كان الخير من الله، والشر من الإنسان، أليس سوداوية صرفة، واتهاما للذات أن يكون السلطان مصدر الخير، ولا يفعل إلا الخير، وأن الشر مصدره الإنسان الشرير، وهو المعارض الرافض لأوامر السلطان؟ ولصالح من إنكار العلل الثانية، وإرجاع كل شيء إلى العلة الأولى؟ ألا يعني ذلك إنكار إرادات البشر، وتحويلها كلها إلى إرادات واحدة يصعب بعدها معرفة إرادة من، إرادة الله أم إرادة السلطان؟ ولماذا تكفير القائل بأن الأعراض كلها من جنس واحد؟ ولماذا التمايز في المادة؟ إن الهدف من الفكر العلمي هو إيجاد قانون مطرد، وإيجاد المتشابهات في الأشياء، في حين أن الهدف من الفكر الديني هو إيجاد الاستثناءات والمختلفات في الأشياء. وإن إثبات الأعراض حركة أقرب إلى العلم من إثباتها أشياء ثابتة. ولماذا تكفير القبائل بأن الأجسام خلقت الأعراض بأنفسها؟ وهل يحتاج كل عرض إلى خلق مستقل وتدخل الإرادة الإلهية في كل لحظة، وكأن الشيء ليس له قوة طبيعية من داخله؟ وما الكفر في أن يخلق الله قوانين الطبيعة، وأن تكون هي أسباب الحركة والثبات في الكون؟ وما العيب في أن يكون الإنسان خالقا للإدراكات على سبيل التولد؟ أليس الإنسان صاحب أفعاله الجسمية العضوية؟ وهل تدخل قدرة الله في عمل العين أو الأذن؟ هل هذا تنزيه لله وتقديره حق قدره أم هو تصور اللاهوت القاهر ضد العلم وضد قوانين الطبيعة؟ وأيهما أقرب لإثبات القدرة الإلهية؛ خلق الأعراض أم خلق الأجسام؟ ما العيب في القول بأن الإنسان مدبر الجسد، وأن الله مدبر الكون، وأن مملكة الإنسان في بدنه كما مملكة الله في الطبيعة؟ هل هذا شرك؟ وهل من عظمة الله الاستئثار بكل شيء دون قوانين ودون أسباب أو وسائط؟ أليس ذلك تبريرا للسلطة المطلقة في السياسة والاجتماع، أو في غيرها من النشاطات الإنسانية ابتداء من بنية النفس وتصورات الذهن؟ وما المانع من إثبات أعراض لا نهاية لها؟ وهل يوقع ذلك في الشرك لأن الله لا نهاية له؟ وهل التفرد بالوحدانية يعني الاستئثار بها أم تعميمها حتى تكون الوحدانية في كل شيء؟ ألا يمكن التفكير في الطبيعة دون حدود لاهوتية؟ إن اللاهوت موقف نفسي خالص، وليس موقفا علميا، يعبر عن وضع وجداني تجاه العامل، وليس عن اتجاه علمي نحو الطبيعة. وما العيب في القول بالطباع أو قانون الجاذبية وباقي قوانين الطبيعة؟ هل مهمة اللاهوت إدانة العلم وإثبات العقيدة ضد قوانين الطبيعة وتصور الله مضادا للعالم؟ ألا يؤدي ذلك إلى النتيجة العكسية بإثبات الطبيعة ضد الله، وقوانين العلم ضد قواعد الإيمان؛ ومن ثم ينتهي علم العقائد إلى القضاء على نفسه بنفسه، وإثبات شرعية مكتسبة للعلم؟ وما المانع أن تكون الرؤية بين الرائي والشيء المرئي تفاعلا مشتركا بين الذات والموضوع، وأن تكون الأجسام كيفيات محضة تتلاقى فيها الذاتية والموضوعية، بدلا من الذاتية الخاصة والموضوعية الخالصة، ووضع الله كذات مطلق يرى الأشياء بدل الإنسان ولا ينفعل بها؟ وما الداعي لإدخال الله في خلق الإدراكات الحسية بعد تقابل الذات والموضوع؟
68
ولماذا تكفير القائل بأن الإنسان جسد لا روح؟ وماذا يكون الإنسان إذن إن لم يكن هذا المرئي أمامنا؟ إن علاقة الله بالعالم مثل علاقة الروح بالبدن، مدبر له دون أن يكون حالا فيه. وما العيب في تعريف النفس بأنها ماهية لا وجود، ماهية خالصة؟
69
وفي الإلهيات كان القول بحدوث الصفات حرصا على الذات الإلهية، وتنزيها لها من الشرك والقول بتعدد القدماء، الذات والصفات، واعترافا بأن الصفات هي في النهاية تشبيه، تطلق على الإنسان حقيقة، وعلى الله مجازا. وإنكار الصفات ليس وقوعا في التعطيل، بل حرص على التنزيه الخالص، وعلى أن الله ليس كمثله شيء، تعالى عما يصفون. كما أن ذلك سيحل قضية خلق الأفعال، ويعطي الإنسان القدرة على خلق أفعاله بنفسه؛ فإنكار الصفات أو القول بحدوثها هو إثبات سلبي لحرية الأفعال عن طريق القضاء على موانعها، وفي مقدمتها علم الله المسبق وإرادته المطلقة. فلماذا إذن تكفير القائل بقسمة العلم إلى قسمين؛ الأول العلم بالعام والشامل، والثاني العلم بالخاص؛ الأول قبلي، والثاني بعدي؟ ليس في ذلك وقوع في التناقض أو إثبات جهل الله، وليس ظاهره علما وباطنه جهلا، إنما الغاية إثبات العلم الاستقرائي الإنساني الذي يقوم على الكسب والمعارف الخارجية، ثم إنقاذ الحرية الإنسانية من علم الله المسبق الحاوي لكل شيء. وإن اعتبار الصفات أحوالا هو تحول الموضوع من مستوى الطبيعة، الجوهر والأعراض، إلى مستوى النفس، فأحوال النفس هي أحد الحلول الوسط بين الذاتية والموضوعية، بين الإثبات والنفي، بين القدم والحدوث، بين التشبيه والتنزيه، بل إن التجسيم أيضا دافعه عند الصوفية وعند جماعات الاضطهاد. فالواقع أبلغ من الفكر، والمادة أكثر حضورا من الروح، والحس مشاهدة، والعقل تصور. وإن اعتبار الأفعال من العرش وليس من الله هو زيادة في التنزيه حتى يبقى الله، وليس كمثله شيء، غير متصل بالحوادث. والسمع والبصر وسائل للعلم، وليسا صفات مستقلة حتى يمكن رد التشبيه إلى التنزيه. وما المانع أن يقال إن الله عقل وعاقل ومعقول كما هو الحال عند الحكماء، فالمثل الأعلى هو وحدة الذات والموضوع؟ إن إثبات الحدوث في الذات أو في الصفات هو في النهاية إثبات للزمان والتغير والحركة والتاريخ، ورفض تصور الله فاعلا بلا مضمون، فالله محل للحوادث، وكل ما يحدث في التاريخ إنما يحدث فيه، فلا شيء خارج الله ما دام الله هو كل شيء. وإن خلق الأشياء على منوال سابق ونمط في الذهن صورة إنسانية لما يكون عليه الخلق يقاس فيها الغائب على الشاهد. وإن نفي الرؤية إنما هو رفض لتحويل الذات إلى موضوع، والوعي الخالص إلى مادة. وفي الوقت نفسه يكون إثبات حدوث الكلام عودا إلى تجسيم الكلمة وتحقيقها في التاريخ، ما دامت أصبحت مقروءة ومسموعة ومكتوبة ومرئية كصوت وحرف، أو محققة ومطبقة كمعنى وشريعة. وإنه لمن الأجدى الاعتراف بأن الإنسان لا يقدر على أن يصف الله في ذاته، بل أن يدركه قياسا للغائب على الشاهد، وأن الأصل في الوصف هو النفي؛ نفي النقائص الإنسانية وقلبها إلى أوصاف الكمال الإلهي.
70
وفي أصل العدل، لماذا يكون خلق الإنسان لأفعاله ومسئوليته عنها كفرا؟ ولماذا تكون حرية الاختيار كشرط للتكليف كفرا؟ إن استرداد الإنسان لأفعاله، وجعلها إما له أو للطبيعة، لأنه لا يمكن أن يكون لا فاعل لها أصلا، أو أن يكون فاعلها هو الله، لأن الله لا يفعل مباشرة في الطبيعة، ذلك ليس تجديفا على الله أو إنكارا لسلطانه؛ لأن قوانين الطبيعة من خلق الله، وسنن الكون من وضعه. ليس في خلق الأفعال أي خروج على التوحيد، بل هو إكمال له وإثبات للوسائط والأسباب. وهل الله ساحر ومشعوذ، يقلب القوانين رأسا على عقب، يجعل الشيء ساكنا متحركا أو في مكانين معا أمام دهشة الناس؟ إن بعض العبارات بالرغم من صياغتها التي قد تصطدم بإيمان العوام تحت سيطرة فرقة السلطان تدافع عن القدرة الإنسانية والقانون الطبيعي. إن القول بفناء مقدرات الله إنما يهدف إلى إثبات حرية الإنسان، وإن إثبات الإنسان خلق أفعاله ليس وقوعا في الشرك، بل وحدانية الفعل ومسئولية الإنسان، بدلا من إعزاء الوحدانية والمسئولية إلى الله كما هو الحال في الجبر، أو إثبات الشركة بين الله والإنسان كما هو الحال في الكسب. وما المانع، بصرف النظر عن الصياغة، أن يقال إن الله مطيع لعباده إذا فعل مرادهم؟ لهذا الحد بلغت قيمة الإنسان واحترامه لنفسه ولفعله.
71
وما العيب في أن تكون للإنسان استطاعة قبل الفعل لأخذ القرار، ومع الفعل للتنفيذ، وبعد الفعل لاستمرار النتائج وبقاء الأثر؟ وهل في إثبات استطاعة الإنسان وقدرته أي خروج على العقيدة أو الشريعة؟ وكيف تقام الشريعة إن لم يكن للإنسان استطاعة على الفعل؟ وكيف يقع التكليف والاستحقاق دون استطاعة؟ ولماذا لا يكفي القول بالجبر وإنكار الاستطاعة والفعل؟ هل العدل أقل قيمة من التوحيد؟ ولماذا لا يكفر القول بالقضاء على حرية الإنسان وعقله؟ هل التكفير فقط في حق الله وليس في حق الإنسان؟ وهل يكفر الإنسان لقوله بفناء الجنة والنار أو بحدوث علم الله، ولا يكفر لقوله بالجبر وإنكاره المسئولية، وكأن إيمان الناس بالجبر في صالح فرقة السلطان، ويظل القائل به مؤمنا مطيعا ومواطنا صالحا؟ يكفر الإنسان إذا ما قال بعقائد فرق المعارضة، ويؤمن إذا قال بعقائد فرقة السلطان!
72
अज्ञात पृष्ठ