अकीदा से क्रांति तक (3): न्याय
من العقيدة إلى الثورة (٣): العدل
शैलियों
لذلك قد يثبت الكسب نوعا ما من الاستطاعة قبل الفعل وهي الاستطاعة البدنية فحسب، سلامة الحواس والصحة واعتدال المزاج وارتفاع الموانع. أما الاستطاعة النفسية فإنها تظل مع الفعل وليدة اللحظة.
190
وباجتماع القدرتين البدنية والنفسية (الداعية الجازمة) يحدث الفعل. فإن قيل: إن من الاستطاعة ما هو قبل الفعل وما هو في حال الفعل وما هو بعد الفعل، فإن أقصى ما يستطيعه الكسب من إثبات استطاعة قبل الفعل هي الاستطاعة البدنية فحسب دون سواها. الاستطاعة عرض يخلقه الله في الحيوان يفعل به الأفعال الاختيارية، وهي علة الفعل عند المعتزلة. وعند الجمهور شرط أداء الفعل لا علة له، صفة يخلقها الله عند قصد اكتساب الفعل بعد سلامة الأسباب والآلات. وحتى في هذه الحالة الضيقة التي لا تتعدى فيها الاستطاعة القدرة البدنية الحالة في البدن قبل إتيان الفعل يكون الكسب قد انتهى إلى أن خلق الله للقدرة على الفعل مشروط بسلامة البدن، وبالتالي النيل من قدرة الله المطلقة. وهنا يبرز سؤال: ألا يقدر الله على خلق القدرة في العاجز والمشلول والمبتور والقعيد؟ هل يجوز إذن تكليف العاجز؟ وهل يؤدي هذا الدفاع النسبي عن الفعل بإثبات مجرد الاستطاعة البدنية السابقة على الفعل إلى النيل من التوحيد بالضرورة؟
191 (2-4) نقد الكسب
بالإضافة إلى تفنيد حجج الكسب السابقة، فإنه يقع في عدة أخطاء، سواء في التوحيد أو في العدل، تنال من حق الله في التنزيه وحق الإنسان في الحرية منها. (1)
المشاركة أصلا مستحيلة، مشاركة الله للإنسان في الفعل، ومشاركة الإنسان لله في الفعل لأنه ضد التوحيد، فإذا كان الكسب يرفض الحرية لأنها مشاركة من الإنسان في فعل المشخص المؤله فإن الأولى بالحرية أن ترفض الكسب لأنه مشاركة من المشخص المؤله في فعل الإنسان. المشاركة شرك، ويكون حينئذ الجبر أولى بالتوحيد لأنه يوجد في الأفعال، يجعلها كلها مخلوقة من الله دون أن يكون للعبد فيها شيء.
192
والشركة في الكسب تتعدى أن يكون الإنسان مشاركا في الفعل إلى أن يكون لا فعل له على الإطلاق. ما دام الإنسان قادرا على الفعل، فالمؤله المشخص عليه أقدر لأنه أعظم. وإذا كان الإنسان قادرا على تحريك شيء فالمؤله المشخص قادر على تحريك الجبال. وإذا كان الإنسان قادرا على بناء منزل صغير، فالمؤله المشخص قادر على بناء مدينة كبيرة في غمضة عين. وهكذا يتحول الأمر من إثبات قدرة الإنسان إلى إلغائها وإثبات قدرة المؤله المشخص؛ لأنه أعظم وكأن الغاية هي إثبات قدرة عظمى لموجود أعظم وليس إثبات قدرة الإنسان. وذلك فعل عواطف التأليه التي يريد المهزوم تشخيصها تعويضا لهزيمته، وتشبثا بقدرة عظمى يفتقدها أو عواطف التأليه التي يريد المنتصر إثباتها إمعانا في إثبات سلطته، ومحوا لأفعال الآخرين. في حين أن إثبات قدرة الإنسان، والإنسان وحده دون أن يقدر عليها آخر حتى ولو كان المؤله المشخص، أكثر احتراما للإنسان وأقدر تعبيرا عن عواطف التأليه على السواء؛ فهي تؤكد فعل الإنسان، وتثبت عظمة التأليه الذي لا يكون من كماله فعل شيء أقل منه، وهو فعل الإنسان. وما أتفه فيل يريد أن يثبت أنه أقدر من النملة على تحريك قشة!
193
ويدافع الكسب عن نفسه بأنه لا يعني المشاركة. ولا يعني إثبات قدرة الإنسان مشاركة المؤله المشخص في فعله، وكأن إثبات قدرة للإنسان تهمة يجب إبعادها أو ذنب يجب التكفير عنه، وكأن المطلوب إثباته قدرة عظمى فوق قدرة الإنسان؛ لأن قدرة الإنسان هي الطاغية، والقدرة العظمى هي المقهورة! ما دام الإنسان يسعى بالعلل المباشرة إلى تحقيق أفعاله، فكل محاولة لإدخال عنصر ثالث بين الفعل والأثر، أو بين العلة والمعلول ضرب من الأسطورة والغيب والطاغوت. وحتى إذا حدثت العلة دون المعلول أو حدث المعلول دون العلة فذلك لا يعني مشاركة الإنسان في فعله، بل يعني أن هناك علة أخرى قد دخلت فأحدثت الفعل وهي علة غير متوقعة، أو أن العلة التي ظن الإنسان أنها مؤدية إلى الفعل ليست هي العلة المؤثرة؛ ومن ثم يجب البحث عن العلة الصحيحة للفعل المطلوب. هذا التفاوت بين العلة والمعلول واقع في السلوك البشري، ولا يشير إلى تدخل أية علة من الخارج، بل يشير فقط إلى أن طبيعة الإنسان هي القصد والإرادة والتخطيط والمراجعة والبدء من جديد والتجريب والمحاولة والخطأ والإعادة. وما دامت هناك السنن والإرادات تحدث الأفعال دون ما حاجة إلى عنصر ثالث فوقهما.
अज्ञात पृष्ठ