अकीदा से क्रांति तक (3): न्याय
من العقيدة إلى الثورة (٣): العدل
शैलियों
ولكن الأهم هي الحجج العقلية التي يمكن التحقق منها ومراجعتها ومقابلتها بالحجج واستعمال البرهان. ويقوم الجبر على أسس عقلية واهية يقوم معظمها على استحالة الضد. وهي معظمها أسس لا تثبت شيئا إيجابيا بقدر ما تثبت استحالة الضد؛ فهي تقوم على برهان الخلف أي إبطال النقيض لإثبات الشيء مثل: (1)
التوهم بأن إثبات الفعل الإنساني في المستقبل أو المشترك مع فعل المؤله المشخص يؤدي إلى الشركة، والشركة تؤدي إلى الشرك؛ لأنه لا فاعل في
الحقيقة إلا المؤله المشخص.
36
والحقيقة أن اعتبار الفعل الإنساني مزاحمة ومشاركة للفعل الإلهي رفعة من شأن الإنسان وحطة من شأن الله وكأن الإنسان والله أصبحا طرفين متماثلين، ندين متعادلين يتنازعان فعلا واحدا وهو ما يعارض التنزيه. وليس حطة في الله أو انتزاعا لحقه أن يكون الإنسان هو الفاعل الحق ما دام الله خالق كل شيء ومالك كل شيء. وليس عظمة لله أن ينازع الله الإنسان فعله ويسلبه إياه ويغتصبه منه. إن هذه الحجة ليست فقط رفضا للحرية، بل أيضا رفض للكسب لأن الكسب يعني المشاركة بين الله والإنسان في فعل واحد. كما تقوم الحجة على المصادرة على المطلوب لأنها تقوم على مسلمة سابقة وهي أنه لا فاعل حق إلا الله وهو المطلوب إثباته. وقد أعاد علم الكلام المتأخر تحقيق الكلام المتقدم وانتقد خطابيته وزاد من أحكامه العقلية تحت تأثير الفلسفة التي أعطته دفعة جديدة نحو العقلانية وأعادت صياغة الحجة نفسها في شعب ثلاث. الأولى استحالة مقدور بين قادرين نفيا للشركة. ولكن حتى في هذه الصياغة، لماذا يضحى بقدرة الإنسان كي تثبت قدرة الله ولا تثبت قدرة الإنسان وهو الأقرب لبداهة الحس وواقع المشاهدة؟ والثانية استحالة جواز التأثير في الفعل وإلا جاز التأثير في الوجود. والحقيقة أن القدرة الحادثة وهي قدرة الإنسان ليس القصد منها إيجاد الأشياء بل توجيهها وإعادة نظامها. وليس هدفها تغيير الطبائع بل صورها، أو تبديل الجواهر بل أعراضها. وتوجيهها إلى الطبائع والجواهر مجرد مزايدة من أنصار الجبر على الإيمان. فما من أحد قادر على خلق الأشياء وإن أمكنه إبداع صورها. والثالثة قدرة الباري على جنس ما أقدر عليه عباده. ومن الطبيعي أن يكون الله قادرا على جنس أفعال العباد. ولكن هناك فرق بين القدرة على الجنس والقدرة على الفعل الفردي؛ فالقدرة الصورية كلما كانت عامة وشاملة فإنها لا تتحقق بالفعل في الأفعال الفردية التي تتحقق بقدرة العباد. هذا بالإضافة إلى أنها مزايدة الكل على الجزء لا ينتج منها لا تنزيه لله ولا اعتزاز بالإنسان. وفي النهاية ليس المطلوب هو إعلان التحدي والمبارزة بين الله والإنسان، أيهما أقدر على تسيير الحوادث وإيجاد الكائنات؛ فالإنسان لا يدعي أنه خالق العالم أو موجده، بل هو مؤثر في مساره، وموجه لنظمه الاجتماعية.
37 (2)
إن وقوع أفعال دون العلم بها كليا أو جزئيا لا يعني تدخل إرادة خارجية في الفعل تقرر العلم به أو تحقيقه، بل يعني أن الإنسان كثيرا ما يفعل دون وضوح نظري كاف لأساس الفعل وغايته. صحيح أن الفعل الأمثل هو ما قام على أساس عقلي واضح وكاف له غاية وهدف، والفعل القائم على استبصار كل العوامل التي في ميدان الفعل حتى يتحقق الفعل بنجاح تام. ولكن هذه الإحاطة النظرية الشاملة بجميع العوامل المتداخلة في ميدان الفعل قد تكون نسبية أو مستحيلة، فيتأتى الفعل نسبيا أيضا بقدر المعلومات التي لدى الإنسان عن الموقف. ولكن بمجرد بدء الفعل يزيد الإنسان من معلوماته، بل ويغيرها طبقا للواقع الجديد غير المعروف أو يحدث علما في التو واللحظة. وهذا موقف سلوكي خالص لا يشير إلى تدخل أية إرادة خارجية عالمة بالموقف كله من قبل ومقررة له.
38
ويجوز إتيان الفعل بأساس نظري عام دون الإحاطة بجميع التفاصيل؛ فذلك لا يقدح في صحة الفعل أو في يقين النظر، خاصة ولو كانت تلك التفاصيل غير دالة أو مستحيلة أو خيالية مثل العلم بالسكنات المتخللة للحركات البطيئة! وكأنها حجة زينون في إبطال الحركة تستخدم هنا لإثبات الجهل! وكأن الفعل لا يحدث كواقع حيوي لا يتجزأ إلى حركات ساكنة.
39
अज्ञात पृष्ठ