अकीदा से क्रांति तक (3): न्याय
من العقيدة إلى الثورة (٣): العدل
शैलियों
ليس المطلوب من الإنسان تحقيق الإرادة الخفية في الأمر الظاهر؛ فالوحي شرع وليس غيبا، وضوح وليس استنباطا، أمر ونهي وليس عقيدة. ولا يحتاج في ذلك إلا إلى الحسن والقبح وإلى علاقة الإنسان العملية بالوحي، أي بالكلام وليس بالله أي الشخص. أفعال الشعور الداخلية إذن أفعال حرية، سواء فيما يتعلق منها بالإيمان أو الكفر لأن الكافر مأمور بالإيمان، والأمر تكليف، والتكليف يقتضي حرية الأفعال وإلا كان الكافر مطيعا لأنه كفر بناء على أمر الكفر؛ فالإرادة على وفق الأمر هذه المرة لا على وفق العلم. ولو كان الرضا بقضاء الله واجبا لكان الرضا بالكفر كفرا. كما أن ذلك الافتراض يضع الله في محنة التعارض بين الإرادة والحكمة؛ مما يجعل إيمان الإنسان بالقضاء إيمانا متناقضا يبعث على الكفر، في حين أن إرادة الله عاقلة لا تقضي على أحد بالكفر أو تضطره إلى الإيمان.
40
وقد تكون الإرادة مجرد حكم على الشيء وليس جبرا له، مجرد تعلق دون فعل. ولما كان الحكم يأتي عن طريق الخبر، كانت إرادة الشيء هي الحكم عليه عن طريق الخبر. وقد يتحول الحكم المنطقي إلى حكم خلقي فتكون أحكام الله أحكاما خلقية مطلقة تخص الصفات الموضوعية للأشياء. قد تكون الإرادة إذن حكما عقليا على المراد دون أن تكون حكما فعليا، وقد تكون حكما فعليا بالإضافة إلى كونها حكما عقليا، وقد يكون الحكم لغويا، أي تسمية الإيمان حسنا والكفر قبحا. دور الإرادة المطلق هو إطلاق الأسماء والأحكام دون خلق المرادات؛ لذلك سمي موضوع الإيمان والكفر في علم أصول الدين الأسماء والأحكام.
41
وقد تكون العداوة هي المراد، أي التوحيد بين الإرادة والشيء؛ لأنها ما دامت مطلقة فكل ما تريده واقع. في حين أنه في العالم الإنساني هناك مسافة بين مضمون الإرادة وبين الشيء المراد بعد أن يتحقق. ولا يتخطى هذه المسافة إلا الفعل الإنساني. فوصف الإرادة بالشيء ليس وقوعا في التجسيم أو في التشبيه، بل توحيد بين الإرادة والشيء المراد. التوحيد بين الذات والموضوع إذن هو أحد الحلول الإنسانية ولكن تظل الخطورة على الحرية الإنسانية قائمة.
42
كذلك تكتسب الإرادة صفة المراد بها. فإن كان المراد سفها كانت الإرادة سفها، وكانت إرادة الطاعة طاعة. ولا يعني ذلك أن يكون الله مطيعا لإرادته، بل يعني اتساق الإرادة مع المراد، وهو أقرب إلى العدل من الظلم، وإلى الحكمة من السفه، وإلى العقل والاتساق من التناقض والتضاد، ومن الحكمة والقصد إلى العبث والسخف.
43
وفي بناء ذهني آخر قد يكون التوحيد بين الإرادة والشيء خطرا على الحرية وموهما بالجبر؛ لذلك فإن التمييز بينهما يكون أكثر مدعاة لإثبات الحرية. وفي هذه الحالة تكون الإرادة صفة ذات والمراد صفة فعل أو شيء. فالإرادة موجودة لا في مكان، بلا محل، والمراد هو الأمر الموجود في الزمان والمكان. إذا كانت الإرادة قديمة فالمراد حادث، وإذا كان التوحيد بين الإرادة والمراد يدل على العظمة، فإن التمييز بينهما يدل على الحرية الإنسانية. وتكون الإرادة هنا معناها الاختيار، والمريد هو المختار لا في التأليه بل في الإنسان.
44
अज्ञात पृष्ठ