176

अकीदा से क्रांति तक (3): न्याय

من العقيدة إلى الثورة (٣): العدل

शैलियों

إن وجود موضوعات قد تتجاوز حدود العقل، ولا يتناولها العقل، لا يطعن في العقل وقدرته على إدراك الحسن والقبح في الأفعال. فهما في الأفعال وليسا في المعتقدات، في السلوك وليسا في النظريات، في الحسيات وليسا في المجردات، في هذه الدنيا وليس في العالم الآخر. ولماذا تكون العبادات مثل النظريات والعقائد والأخرويات خارجة عن حدود العقل؟ إذ لا يوجد في العبادات شيء لا يعرف وجه الفائدة فيه مثل أعداد الركعات ومناسك الحج. العبادات الإسلامية كلها مفهومة ومعروفة دلالاتها والحكمة منها حتى دروس الدين الأولية مثل النظافة والرياضة والإحساس بالفقراء ووحدة الأمة ... الخ. الشرع قائم على العقل. وليس الشرع هو مظاهره الخارجية، بل هو قوانينه وأهدافه من مقاصد إلى آخر ما هو معروف في علم أصول الفقه في مقاصد الشريعة وإلا استحال الاستدلال. ولماذا إرجاع الإسلام إلى المراحل السابقة للوحي وقياس العبادات على بعض الاحتفالات في الديانة الموسوية وضروب التوسل والزهادة في الديانة العيسوية «لإثبات أنه» لا يمكن للعقل البشري أن يستقل بمعرفة وجه الفائدة فيه؟ قد تكون المراحل السابقة لتطور الشرع في التاريخ أقل عقلانية من الشرع في آخر مراحله بعد اكتماله. ولماذا تكون الجهود الإنسانية الخالصة في الإبداع والخلق مفسدة سواء قبل الوحي أو بعده؟ فالوثنية لها مآثرها كما أن لها نقائصها. فلماذا تفسد الوثنية العقول وتنحرف بها عن مسالك السعادة وقد كان فيها كبار المصلحين وقادة الفكر الإنساني؟ وهل الدهري الذي لا يؤمن بالشرائع أو الذي لم تصله الشرائع لا يعلم الحسن والقبح وأنه لا يقدر على اجتناب الرذائل وممارسة الفضائل؟ هل كان البشر كالحيوانات والبهائم قبل الشرع؟ إن كامل العقل قادر على معرفة الحسن والقبح في الأفعال قبل ورود الشرع، فالوعي الفردي مستقل عن الوعي الاجتماعي، وإلا فكيف يظهر الأنبياء دعاة ومصلحين في أقوامهم؟

22

ولماذا يتم إنكار الحقائق العقلية العامة وبداهاتها باسم الله وإمكانية تدميره لها والقضاء عليها؟ ولماذا تنكر ضرورات العقل وهو أساس نظرية العلم، وكأن الله واقف لها بالمرصاد يرى في شمول الحقائق وعمومها تهديدا له؟

23

لماذا إنكار الحقائق مثل عدم جواز تكليف ما لا يطاق، استحقاق الذم والمدح، والثواب والعقاب على الطاعة والمعصية؟ ولماذا لا يكون القبح محظورا على الإطلاق في العقل مثل كفر النعمة؟ أليس الكذب والظلم والكفر قبحا؟ وماذا يستفيد الله من قولنا إنه هو المنعم وهو المقبح للكفر والظلم وإن العقل لا يقبح شيئا وإنه هو الحاكم بأحكام العقل؟ وما أسهل أن يأتي الحاكم فيما بعد ويزحزح الله أو يأخذ مكانه ويجعل نفسه هو المحسن والمقبح للأفعال. ولا يؤدي القول بالحسن والقبح العقليين إلى الشرك؛ الشرك بين العقل والله، فالله لا يجعل أحد مخلوقاته، وهو العقل، شريكا له. إن الله نفسه قد عرف بالعقل، وهدم العقل هدم لأساس معرفتنا بالله. وكيف لا يحسن العقل شيئا ولا يقبح شيئا؟ وكيف تنفي الحقائق وكأن الله قد أدى إلى هدم الحقائق وأوقع البشرية في اللاإرادية والشك وإبطال الحقائق، وهو ما نفاه علم أصول الدين من قبل في نظرية العلم، وهل الله سوفسطائي؟

24

وهل يستعلي الله ويثبت قوته بتدمير أحد مخلوقاته - وهو جزء منها وهو العقل - وذلك بأن يصبح الله حاكما على العقل وينفي حكم العقل على نفسه وعلى الأشياء وعلى الأفعال؟ لماذا هدم الحقائق الإنسانية العامة والتشكيك في القيم وإبعاد الظروف الاجتماعية وكأن الله لا يعترف بحق ولا يسلم بقيمة، يفعل الظلم، وتقوم شرائعه على التناقض والعبث؟ إن إنكار العقل هو هدم للمصالح وجلب للمفاسد وقضاء على التعليل وهو أساس التشريع، وبالتالي جعل المتكلم الأشعري الله عاملا ضد نفسه، وهادما شريعته بيده، وقاضيا على العقل بحكمته.

25 (1-2) هل يمكن تحديد العقل قبل السمع؟

ويمكن إعطاء العقل دورا محدودا قبل السمع كأحد الحلول المتوسطة بين هدم العقل كلية قبل السمع وبين جعل العقل مستقلا بذاته مدركا قبل السمع ودون ما حاجة إليه.

26

अज्ञात पृष्ठ