175

अकीदा से क्रांति तक (3): न्याय

من العقيدة إلى الثورة (٣): العدل

शैलियों

وكيف يجوز في الشرع الزيادة والنقصان وكأنه لا أساس له من عقل أو واقع؟ إن مرحلة التجريب قد انتهت أثناء الوحي عن طريق النسخ. واستقر الشرع واستتب وتأسس في العقل وفي الطبيعة. وكيف يبلغ التغيير والتبديل درجة قلب الحق باطلا والباطل حقا، وقلب الحلال حراما والحرام حلالا بمجرد تغيير إرادة الشارع؟ ذلك بالضبط ما يحدث في مجتمعاتنا الحالية عندما تسن القوانين وتبدل بإرادة الشارع دون أن تؤسس في العقل أو في الطبيعة ودون ابتغاء مصلحة أو اتقاء مفسدة. فإذا ما اكتمل الشرع بعد أن يتحقق في الواقع أصبح تعبيرا عن العقل والطبيعة، وثابتا بثباتهما.

17

قد يكون العقاب وحده هو الذي يرد به الشرع أي جزاء الفعل القبيح ، أما الثواب على الفعل الحسن فلا يحتاج إلى ورود الشرع، ويمكن معرفته بالعقل قبل ورود الشرع؛ فالعقل لا يقر بالعقل على الفعل القبيح وكأن العقاب كالثواب ينشأ من طبيعة الفعل. الثواب على الحسن بالطبيعة والعقاب على القبح بالشرع.

18

ولماذا يكون إثبات الشرع وحاجة الإنسان إلى النبوة على حساب العقل وابتداء من حدوده؟ إن اختلاف قوى الإنسان، الذاكرة والتخيل والتفكر بين الشدة والضعف لا تعني حاجته إلى من يقويها، فإنها من سمات الإنسان. وقد تكون على هذا النحو أحد مظاهر قوته وأعمال حريته. كما أن تفاوت الناس في إدراك النافع والضار أو الحسن والقبيح ليس ذريعة لفرض الوصايا عليه وإعلان قصور العقول، بل يمكن تجاوزها بتعاون البشر والخبرات المشتركة وتبادل المعارف والعلوم، والنصيحة المشتركة والتنبيه والتذكير، وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو أحد مظاهر ممارسات الحرية. ولماذا الشعور بالدونية أمام قوة أخرى أسمى وأعظم عقلا وإرادة مع أن الإنسان سيد الكون وأعظم من الجبال والمحيطات والأنهار؛ لأنه قادر على تسخيرها لصالحه، ولديه عقل قادر به على معرفة أسرار الكون وإدراك قوانين الطبيعة، وهو الوحيد الكائن الحر الذي قبل تأدية الأمانة وتحقيق الرسالة؟

19

لماذا الإعلان عن قصور العقل وبيان حدوده والأكرم للإنسان بيان قواه وإمكانياته اللامحدودة؟ لماذا الإعلان عن أن الإنسان في حاجة إلى هاد يهديه، ومرشد يرشده؟ لم هذا الإحساس بالتقصير والقصور وأن الإنسان في حاجة إلى وصي وهو النبي؟ ولماذا تثبت النبوة على أنقاض العقل؟ إن إرجاع الحسن والقبح إلى الذات العاقل ثم إيقاعه في نسبية الأهواء والانفعالات وتفاوت الأمزجة والطبائع واختلاف الظروف والمواقف كل ذلك يفضي إلى إلغاء العقل والإغراق في الإشراق أو يؤدي في النهاية إلى هدم العقل لإفساح المجال للنبوة وكأن النبوة مكملة للعقل إن لم تكن مضادة له. وذلك في الحقيقة تدمير للعقل من أجل إفساح المجال للنبوة؛ فالغاية البداية بالعقل لهدمه، وإثبات الحسن والقبح لإثبات النبوة، العقل مجرد وسيلة وليس غاية، بداية وليس نهاية، مقدمة وليس نتيجة، وهو أقرب إلى النفاق منه إلى العلم ، وتضحية بالعدل أيضا من أجل التوحيد بطريقة أذكى من الجبر الذي لا يعترف بشيء أصلا لا في التوحيد فينكر الحرية ولا في العدل فينكر الحسن والقبح العقليين.

20

والعجيب أن يتم ذلك في كبرى الحركات الإصلاحية التي قالت بالحسن والقبح العقليين إلى منتصف الطريق، أشعرية في التوحيد اعتزالية في العدل، خطوة إلى الأمام وخطوة إلى الخلف، دعوة عملية على دعوة نظرية غير مطابقة؛ لذلك كبا الإصلاح.

21

अज्ञात पृष्ठ