أجامنون :
أنت إذن حسب ما أنبئت الذي يجرأ في غير خوف على أن يقيء إهانة خطرة توجه إلينا، أنت ابن الأمة؟ لو أنك انحدرت من أم حرة كريمة فماذا عسى كنت تقول من لفظ تملؤه الكبرياء، وكيف كنت ترفع رأسك في السماء ما دمت - برغم أنك لست شيئا - تستطيع أن تجاهد في سبيل من مات؟ وتقسم أني حين وصلت إلى هذه الأرض لم أكن قائدا ولا زعيما لليونان ولا لك في البر ولا في البحر، بل زعمت أن أياس كان سيد نفسه حين وجه سفنه إلى هذا الساحل. أليس استماع هذا من أفواه العبيد، هو الإهانة التي لا إهانة بعدها؟ في سبيل أي شخص تملأ آذاننا بهذا الصياح الوقح؟ إلى أي مكان ذهب؟ ألم يقف حيث وقفت؟ أليس بين اليونان شجاع غيره؟ لقد كانت مسابقة نكبة تلك التي أعلناها بين اليونان على سلاح أخيل، إذا كانت نتيجتها أن يتهمنا تكروس بالجور في كل مكان، وألا يعجبك - برغم ما أصابك من الخذلان - ألا تذعن لحكم القضاة، بل تتهمنا دائما وتلقي في وجوهنا الإهانة وتسيء القالة فينا رغم هزيمتك.
مع أخلاق كهذه لا يمكن أن تسود القوانين ولا أن تستقر إذا كنا ملزمين أن ننحي الظافرين بالحق ونقدم عليهم في أول الصف من قضي بأن يتأخروا. يجب أن تحظر هذه السيرة، إن الرجل لا يتقدم بضخامة جسمه ولا ببعد ما بين منكبيه، وإنما يتقدم بالعقل والذكاء، إن السوط مهما يكن رقيقا نحيفا يكره الثور الضخم على أن يمضي في طريقه مستقيما لا ينحرف عنها، وهذا هو الدواء الذي أراه معلقا على رأسك إذ لم يثب إليك شيء من الرشد، ما دمت تجرؤ بعد أن ذهب أياس وأصبح ظلا على أن تهيننا وتواجهنا بهذه الألفاظ الوقحة، ألا تجنح إلى الاعتدال؟ ألا تندب رجلا حرا يتحدث إلينا مكانك، وقد علمت من أنت بحكم مولدك؟ فإنك إذا مضيت في الحديث لم أفهم عنك شيئا؛ لأني لا أفهم لغة الأجانب.
رئيس الجوقة :
لعل كليكما يجنح إلى الاعتدال، فهذا خير ما أستطيع أن أقدم إليكما من النصح.
تكروس :
وا حسرتاه! ما أسرع ما يجحد الناس صنيع الموتى، وما أسرع ما يتهمونهم بالخيانة ما دام هذا الرجل لا يحتفظ لك يا أياس بشيء من الذكرى مهما يكن ضعيفا. ومع ذلك فما أكثر ما عرضت حياتك للخطر، واحتملت جهود الحرب من أجله، لقد نسي كل ذلك واحتقر، وأنت الذي تحدث إلينا بكل هذا السخف ألا تذكر شيئا؟ أنسيت أنه ذات يوم أسرع وحيدا من بين الهاربين، فرد عنك العدو وأنقذك وقد كنت محصورا تفرق عنك النصير؟ لقد كان اللهب يرتفع حول مقدمات السفن وعند مقاعد البحارة، ولقد كان هكتور ينحط كالصاعقة نحو السفن بعد أن اقتحم الخنادق. من رد هذا الهجوم؟ ألم يكن أياس الذي تزعم أنه لم يتقدم قط إلى العدو بخطى ثابتة؟ ألم ترض عما فعل ذلك اليوم؟ ألم ترض عنه كذلك يوم قضى عليه الاقتراع أن يبرز لهكتور وحيدا فلم يحتل كما يحتال الضعفاء للعبث بحكم الاقتراع، وإنما دعاه وتعجله؟
لقد كنت حاضرا ذلك اليوم أنا الرقيق ابن الأجنبية. بأي جراءة أيها الشقي تستطيع أن تنطق بهذه الكلمات؟ أتجهل أن جدك لأبيك بيلوبس قد كان أجنبيا فريجيا؟ وأن أتريوس الذي ولدك قد قدم إلى أخيه طعاما بغيضا لحم أبنائه؟ وأنت لقد ولدتك امرأة من جزيرة أقريطش - كريت - أراد أبوها أن يهلكها غرقا؛ لأنه أخذها وهي تأثم مع أجنبي، تستطيع وهذا أصلك أن تهينني؟
إن أبي تليمون الذي تفوق على الجيش كله، وظفر بالجائزة فأصبحت أمي له قرينا، وكانت أمي ملكة، كانت بنت لوميدون أهداها إليه هرقل بن ألكمن، أيمكن لرجل شريف قد انحدر من أبوين شريفين أن يهين دمه؟ أيمكن أن أدعك تحرم أخي في محنته شرف القبر، دون أن تخجل من الاعتراف بذلك؟ تعلم أنك إن ألقيت هذه الجثة بالعراء في أي مكان فسنلقي معها جثثنا نحن الثلاثة،
24
अज्ञात पृष्ठ