सुख की कुंजी
مفتاح السعادة
शैलियों
وأما ما ذكره الحسن بن يحيى عليه السلام من الإجماع فليس المقصود به أيضا إلا الإسناد المجازي مع نفي استقلال العبد بفعله، حتى لا يحتاج إلى تمكين الله تعالى له، ولا خلق القدرة فيه عليه؛ لأن ذلك يكون شركا، وهذا حق فإن العدلية لم يقولوا باستقلال العبد بفعله واستغنائه عن الله إذ لو لم يمكنه الله تعالى لما قدر على شيء أصلا، والدليل على أن هذا مقصودهم أنه احتج على صحته بما يدل على نفي الشريك، فإنه قال والحجة في ذلك كتاب الله عز وجل، قال الله سبحانه: {لقد جئتم شيئا إدا ، تكاد السماوات يتفطرن منه...} [مريم:90] الآية.
فإن قلت: لكنه احتج بعد هذه الآية بقوله تعالى: { والله خلقكم وما تعملون }[الصافات:96 ] ونحوها، قلت: لم يقصد بذلك إلا ما تقدم من نسبتها إلى الباري تعالى على جهة المجاز؛ لأنه قال بعدها: فإن زعموا أن أفعال العباد ليست منهم فقد زعموا أن الله عذب العباد على ما ليس منهم وأثابهم على ما ليس منهم، وإن زعموا أن أفعال العباد منهم فقد لزمتهم الحجة أن أفعال العباد مخلوقة، فإن زعموا أنها ليست منهم مخلوقة فقد جحدوا أن الله خلق العباد، وهذا تصريح بأن نسبة خلق أفعال العباد إلى الله تعالى من حيث أنه خلق الفاعلين لها فيكون من الإسناد إلى السبب كما قيل: إن الختم في الحقيقة من الشيطان، وأسند إلى الباري تعالى لأنه الذي خلق الشيطان ومكنه من ذلك.
واعلم أنه لا يجوز حمل كلامهم" على الجبر والتصريح بنسبة أفعال العباد إليهم، وما قالوه في تفسير كلامهم هذا الموهم، وقد تأولنا كلامهم بما دلونا عليه وفسروه به، وبما اهتدت إليه عقولنا وفوق كل ذي علم عليم.
पृष्ठ 217