مجموع، ويفتقر إلى ربه في ذلك، فالفهم والمعرفة فتوح وهو هبة، وإنما العمل والتدبير واسطة وسبب.
وإنما السر في ذلك: أن الله تعالى بعث إليه رسولا برسالة، فمن اعتنى بالوقوف على فهمها وغاص في حقائق المراد منها وطلب تعرف صفات المرسل المتعالي منها: كان ذلك هو طريقة إلى معرفته حقيقة، وغير ذلك من الطرق فروع وشعب هذا أصلها.
فافهم هذا السر راشدا: تفز إن شاء الله تعالى فلا تزال كذلك مجتهدا حتى تتحقق بمشهد صفة الإلهية فإنها إذا فتحت جاء الخير وانفتح الباب وانجلى الظلام واجتدت الأفهام وانجذبت القلوب.
فقد يظهر من مشاهدة الإلهية بوارق تلوح للقلوب أحيانا ولا تدوم بمثابة البروق اللوامع فليلازم حاله ولا يستبطئ عودها فإن المواهب على قدر الاستعداد فقد لا يكون في هذا الآن مستعدا لكمال الأمر.
فمنهم من تلوح له البارقة في سنة مرة وفي الشهر مرة وفي الأسبوع مرة، ثم تتقارب حتى تصير في اليوم مرة ثم متى توجه وجد ذلك الحال، ثم يترقى إلى أن يكتسي القلب بصبغته فيشتغل عنه وهو غير منفصل عنه.
واعلم أن المشاهد تلتبس بالمقاعد، فقد يشهد المريد مشهدا ولا يكون لقلبه مقعدا، فأول الأمر تكون المشاهد عقائد، ثم تصير لهم
पृष्ठ 83