عِنْد الشَّافِعِي إِذْ جَاءَ شيخ عَلَيْهِ جُبَّة صوف وعمامة صوف وَإِزَار صوف وَفِي يَده عكاز، فَقَامَ الشَّافِعِي وسوَّى عَلَيْهِ ثِيَابه واستوى جَالِسا وسلّم الشَّيْخ وَجلسَ، وَأخذ الشَّافِعِي ينظر إِلَى الشَّيْخ هَيْبَة لَهُ، إِذْ قَالَ لَهُ الشَّيْخ: سل؟، قَالَ: إيش الْحجَّة فِي دين الله، قَالَ: كتاب الله، قَالَ: وماذا؟، قَالَ وَسنة رَسُول الله مُحَمَّد ﷺ، قَالَ: وماذا؟، قَالَ: اتِّفَاق الْأمة، قَالَ: من أَيْن؟، قلت: اتِّفَاق الْأمة من كتاب الله، قَالَ فَتدبر الشَّافِعِي سَاعَة، فَقَالَ للشَّافِعِيّ: قد أجلتك ثَلَاثَة أَيَّام ولياليها فَإِن جِئْت بِحجَّة من كتاب الله فِي الِاتِّفَاق وَإِلَّا تب إِلَى الله، فَتغير لون الشَّافِعِي، ثمَّ أَنه ذهب فَلم يخرج إِلَّا بعد ثَلَاثَة أَيَّام ولياليهن، قَالَ: فَخرج إِلَيْنَا من الْيَوْم الثَّالِث وَقد انتفخ وَجهه ويداه وَرجلَاهُ وَهُوَ مسقام، فَجَلَسَ فَلم يكن بأسرع إِذْ جَاءَ الشَّيْخ وَسلم وَجلسَ فَقَالَ: حَاجَتي، فَقَالَ الشَّافِعِي: نعم، أعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم، بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم، قَالَ الله تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ لَا يصليه على خلاف الْمُؤمنِينَ إِلَّا وَهُوَ فرض فَقَالَ: صدقت، وَقَامَ فَذهب، فَلَمَّا ذهب الرجل قَالَ الشَّافِعِي: قَرَأت الْقُرْآن كل يَوْم وَلَيْلَة ثَلَاث مَرَّات حَتَّى وَقعت عَلَيْهِ".
1 / 41