حيث ظهوره بالوجود المقرن به الفائض من الحق تعالى، جعله سبحانه آية على سر الوجود المحض من حيث هو هو، واعتبارا له أيضا من حيث عروضه بحكم الألوهية لأعيان الممكنات.
ولما نبهنا عليه صح للقمر الجمع بين الامرين المتغايرين، من الظلمة والنور، واللطف والكثافة اللازمين له وقبول النقص والزيادة وانصباغه بسرعة حركته و إحاطته بقوى سائر الكواكب وحركاتها وخواصها وايصاله الجميع إلى ما هو تحته بالصورة .
هذا مع أن ما فيه من النور من كونه نورا لا يتغير ولا يغاير الشمس، وهو خليفة الشمس في ظلمة الليل، وهكذا هو خليفة الحق في الليل الكوني، وكل يخلف الاخر في وقت ما ومقام ما من الجهة التي تقتضى تميز كل منهما عن الاخر، فالخليفة في وقت يستخلف مستخلفه، اما كناية بصورة الوكالة عن أمر الوكيل، واما تصريحا أيضا، كما وردت به الإشارة النبوية بقوله: اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة (62 - الفرقان) ولليوم الجمع بين حكميهما، كما أن مرتبة الكمال تجمع بين مقام الخلافة والاستخلاف ولا تنحصر فيهما، فافهم.
ثم نقول: ومن حيث إن بالنور الشمسي ظهرت الكيفيات الخفية في الجرم المظلم القمري التي لولا النور ما شوهدت، كانت الشمس مظهرة للقمر، ومن حيث إنه لولا الاقتران الحاصل بين نور الشمس وجرم القمر ما وصف النور الشمسي بالاختلاف والتغير، ولا اثر المد والجزر والنقص والنماء والذبول وغير ذلك من الآثار اللازمة له والظاهرة من الحق سبحانه به من حيث هو كذلك. ولا أمكن أيضا في الوقت الواحد جمعه بين أمرين مختلفين بحيث ان يبرد شيئا ويسخن آخر، ولا ان يكون الإضائة
पृष्ठ 58