मिराज इला कश्फ असरार
المعراج إلى كشف أسرار المنهاج
शैलियों
قوله: (لأن الضد إنما ينفي المثلين أو الضدين) يعني ولا ينفي المختلفين، مثال: بغية للمثلين أن نظر وجزء من السواد على محل فيه جزءان من البياض أو أكثر، فإنه أو عشر أجرا ينفيهما معا، وكذلك ما أراد عليهما؛ لأن له حظ الظرو، وليس ينفي البعض أولى من البعض الآخر على أنه كان يلزم مع نفي بعضها فقط، أن يجمع هو والبعض الآخر، فلو لم ينفها معا أدى إلى اجتماع الضدين ولا حظ لها من منعه؛ لأن الباقي لا يمنع ، وقد ذهب قوم إلى أن نفي الذات الواحد لذاتين لا يصح، ولذلك منعوا من وجود المثلين في المحل الواحد؛ لئلا يلزم بقية لهما معا أو لأحدهما ووجوده مع الآخر وكلامهم واضح البطلان، فإن المثلين يصحه الإجتماع أحق من المختلفين، ويتأتى على مذهبهم نفيه للمثلين على البدل كنفيه للضدين، ومثال نفيه للضدين السواد في بقية للبياض والحمرة، فإنا لو قدرنا اجتماعهما في محل واحد وطرأ عليهما لنفاهما، وكذلك فهو ينفيهما على البدل فما صادفه نفاه، وإنما لم يجز في الشيء الواحد أن ينفي شيئيين مختلفين؛ لأنه لا ينفيهما إلا إذا ضادهما وعاكسهما في الصفة، ولهذا لما عاكس السواد البياض في الصفة دون الخلاوة نفاه دوهها، فلو بقي الواحد شيئين مختلفين لوجب أن يكون قد عاكسهما إلا إذا كان له صفتان تعاكس كل واحدة منهما واحدا من المختلفين، فيؤدي إلى استحقاقه أكثر من صفة ذاتية وإلى أن الضد لو طرىعليه نفاه من وجه ولم ينفه من وجه؛ لأن ضده ليس له إلا صفة معاكسة لإحدى صفتيه دون الأخرى، وذلك محال، ويكفي في مضادته للمماثلات والمتضادات صفة واحدة، فلا تنقلب علتنا، ومما يدل على ذلك أن السواد إذا طرى على محل فيه بياض وجلاوه نفي البياض دون الجلاوة، ولا علة لعدم اشتراكهما في الإنتفاء إلا اختلافهما؛ غذ لو كانا مثلين أو ضدين لانتفيا به، فإذا كانت العلة الإختلاف صح أن يقاس عليها ويطرد الحكم، وقد ذهب أبو علي إلى أنه يصح أن ينفي المختلفين وتضادهما ذات واحدة، وقال في إرادة السواد: إنها تنفي كراهته وإرادة البياض لما ذهب إلى أن أراد في الضدين متضادان، وكذلك أبو القاسم فإنه ذهب إلى أن السهو ينافي العلم والإرادة وتضادهما، والموت تضاد الحياة، والعلم والقدرة وما تقدم تبطل ما قالاه، ولو قدرنا ثبوت الموت معنى فنفيه للعلم والقدرة ينفي ما يحتاجان إليه، وكذلك نفي السهو إن ثبت معنى للإرادة بنفي ما تحتاج إليه من الإعتقاد.
فإن قيل: ومن أين لكم نفي الضد للإعتقاد والعلم؟
قلنا: هو ظاهر فإن أحدنا لو اعتقد تقليدا أن زيدا في الدار وقدرنا بإبقاء هذا الإعتقاد ثم علم أنه فيها بخير بني صادق وقدرنا بقاء هذا العلم ثم طرأ عليهما اعتقاد أنه ليس فيها بقاهما، وكذلك فلو لم تقدر بقاؤهما فإن حصوله يمنع من تحددهما.
فإن قيل: أليس عندكم أن السواد والجوهر ينفيهما الفناء إذا طرأ عليهما.
قلنا: مسلم ولكن نفيه للسواد ينفي ما يحتاج إليه من المحل لا لمعاكسته له فلا مضادة بينهما ولا يمكن مثل هذا في العلم والإعتقاد لما كان يحتاج غليه؛ لأنه ليس لمحل له ولا علة فيه ولا سبب له ولا شرط فيه، وكذلك إن جعل مضادة اعتقاد أنه ليس فيها للعلم وانتفاء الإعتقاد يبغ لانتفائه.
قوله: (وبعد فحال العلم تلبيس بحال الجاهل والمقلد إلى آخره فيه سؤال وهو أن يقال: أليس أبو هاشم لما احتج على أن الظن من جنس الإعتقاد بأن حال الظان يلتبس بحال المعتقد بل بحال العالم، فإن السوفسطانية اعتقدوا أن علمهم بالمشاهدات ظن لما التبس عليهم العلم بالظن، قلتم في الجواب عليه: مجرد الإلتباس لا يقتضي الجنسية كالتباس الإرادة بالسهوة والتباس السواد بمحله، فهذا وارد عليكم هاهنا.
पृष्ठ 68