المطلب الثاني: حقوق المدعو من المشركين
إن المدعو هو أحد المستفيدين الرئيسين من الدعوة، وهو ممن يجنون ثمارها في الدنيا والآخرة، مع هذا فإن له حقوقًا على الداعية توجب على الداعية الانتباه لها ومراعاتها تجاه مستحقها وهو المدعو، وقد حرص الصحابة ﵃ على هذه الحقوق سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، فمنها ما كان مقصودًا بذاته، ومنها ما كان عفويًا دون قصد، إلا أن الموقف أو المكان أو الزمان أوجب ذلك، ومن هنا رأينا حصر هذه الحقوق في عدة نقاط للحديث عن كيفية تعامل الصحابة ﵃ مع هذه الحقوق وكيف أدوا حقها تجاه من يدعون.
أولًا: حق تبليغه الدعوة:
إن الدعوة بذاتها هي حق للمدعو، بل حق لكل شخص، وذلك أن ديننا الحنيف حثنا على ذلك، فقال تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ (^١)، وقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ (^٢)، وقال رسول الله ﷺ: (بلغوا عني ولو آية «^٣)، قال الرازي: "إن الله تعالى أوجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على كل الأمة في قوله: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ " (^٤).
(^١) سورة آل عمران، الآية: ١١٠.
(^٢) سورة المائدة، الآية: ٦٧.
(^٣) صحيح البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل، رقم ٣٤٦١، ص ٥٨٢.
(^٤) التفسير الكبير، الرازي، المجلد الرابع، الجزء الثامن، ص ١٤٥.