Meditations
تأملات
अन्वेषक
(إشراف ندوة مالك بن نبي)
प्रकाशक
دار الفكر
संस्करण संख्या
الأولى
प्रकाशन वर्ष
١٩٧٩م.
प्रकाशक स्थान
دمشق سورية
शैलियों
موسكو ومن طنجة إلى جاكرتا، وأدركنا دون أن نحدد طبيعة هاتين الوحدتين، أن كلتيهما تفرض قانونها العام على كيان ومصير الأفراد المرتبطين بإطارها، وهكذا يتحدد في نظرنا التضامن الإفريقي الآسيوي في صورته الاجتماعية، أي في صورة النموذج الموحد للحياة، وللمنظر الإنساني الذي يحيط بها من طنجة إلى جاكرتا، كما شاهده زائر السماء في رحلته الأولى.
أما الرحلة الثانية فإنها أكدت لنا وجود ظاهرة ذات أهمية بالغة، بالنسبة
إلى معنى الأحداث التي تؤثر على مجرى التاريخ، فالظاهرة هي وجود محورين، تنتقل معها من الواحد إلى الآخر القيم الحضرية بصورة دورية، كأنما تاريخ الإنسانية يصنع على محورين بينهما حركة مد وجزر مستمرة، تنقل القيم الحضرية المنوطة بهذا حظوظ الإنسان كما قدمنا، وكأنما التاريخ حوار مستمر بين المحورين، حوار ندرك معناه في بعض الأحاديث وفي بعض الأحداث: في بعض الأحاديث عندما ينشر مثلًا كتاب لغاندي بعنوان (حضارتهم وخلاصنا)، أو كتاب لرشاردوريت بعنوان (أنت أيها الرجل الأبيض).
وكأنما المهاتما غاندي والكاتب الزنجي كانا يعبران عن التضامن الإفريقي الآسيوي في أبسط صورته، وكأنهما كلاهما بلغته الخاصة يقومان بدور رجل محور طنجة جاكرتا عندما يخاطب رجل محور واشنطن موسكو، من أمثال (رويد يارد كيبلنج) شاعر النزعة الإستعمارية والتفرقة العنصرية عندما يتعالى على الإنسانية الملونة، فلم يتصور- على حد قوله- أن قردًا يستر عورته بقطعة قماش، سيصعد يومًا درجات السلم المرمري الأبيض، الموجود في مدخل قصر نائب جلالة ملك إنجلترة بنيودلهي، ليطالب بالحقوق، وهو يشير بكل وضوح إلى صورة غاندي المشهورة، وقد كان فعلًا لا يضع عليه إلا قطعة قماش أبيض يستر بها عورته، ولم يدرِ ذلك الشاعر المتكابر أن الأقدار كانت تهيئ لغاندي أن يصعد فعلًا ذلك السلم بعد الحرب العالمية الثانية، ليتحدث مع اللورد ماونتباتن
1 / 113