295

ورعيت خلقه، وخصك بكرائم التنزيل، فخزنت غيبه وعرفت علمه، وجعلك نهاية من خلق، فسبقت العالمين وعلوت السابقين، وصيرك غاية من ابتدع، ففقت بالتقديم كل مبتدع، ولم تأخذك في هواه لومة ولم تخدع.

فكنت أول من في الذر برأ، فعلمت ما علا ودنا، وقرب ونأى، فأنت عينه الحفيظة التي لا يخفى عليها خافية، وأذنه السميعة التي حازت المعارف العلوية، وقلبه الواعي البصير المحيط بكل شيء، ونوره الذي أضاء به البرية، وحويت العلوم الحقيقية، ولسانه الناطق بكل ما كان من الأمور، والمبين عما كان أو يكون في سالف الأزمان وغابر الدهور.

كل يا مولاي عن نعتك أفهام الناعتين، وعجز عن وصفك لسان الواصفين، لسبقك بالفضل البرايا، وعلمك بالنور والخفايا، فأنت الأول الفاتح بالتسبيح حتى سبح لك المسبحون، والآخر الخاتم بالتمجيد حتى مجد بوصفك الممجدون.

كيف أصف يا مولاي حسن ثنائك، أم أحصي جميل بلائك، وعرفت الأفهام الآيات المعروفة في آفاق البلاد، وهي فعلك، وعجزت الأعين عن الإحاطة بالأنوار المرئية بين العباد، وهي فرعك، والأوهام عن معرفة كيفيتك عاجزة، والأذهان عن بلوغ حقيقتك قاصرة، والنفوس تقصر عما تستحق فلا تبلغه، وعجز [تعجز عما تستوجب ولا تدركه.

पृष्ठ 307