मेटाफिज़िक्स का एक दृष्टिकोण
موقف من الميتافيزيقا
शैलियों
والحقيقة أن الإجابة عن سؤاله هذا بالنفي، فيه سبق إلى تأييد وجهة نظر بعينها في الخير والجمال، هي وجهة النظر التي نأخذ بها، وإيهام بأنها وجهة النظر الوحيدة في الموضوع، مع أننا ولا شك نعرف ونعترف بوجود وجهة أخرى للنظر، لها أنصار وأصحاب من أقوى من عرفت الفلسفة من رجال، وهي وجهة النظر القائلة بأن صفة «الخير» وصفة «الجمال» تدركهما الحواس - السمع والبصر مثلا - كما تدرك صفات أخرى كثيرة كاللون والطعم، فكما أن للوردة رائحة زكية أشمها بأنفي، فكذلك لها «جمال» أراه بعيني.
لكننا مع اعترافنا بوجود طائفة من الطراز الأول من المفكرين، ترى أن الخير والجمال موجودان كائنان فعلا خارج الإنسان ومشاعره ، وأنه حتى لو انمحى أفراد الإنسان جميعا من وجه الأرض، لبقي هنالك في العالم شيء اسمه خير وشيء اسمه جمال، كما يبقى فيه شيء اسمه شجرة وآخر اسمه جبل ... أقول: إننا مع اعترافنا بوجود طائفة ممتازة من المفكرين تأخذ بهذا الرأي، إلا أننا سندافع في هذا الفصل عن وجهة النظر الأخرى التي تجعل قيمة الشيء - خيرا كانت أو جمالا - مجرد شعور ذاتي عند الإنسان نحو الشيء، وليست هي بكائنة فيه، فأنا حين أنظر إلى الوردة - مثلا - وأقول عنها إنها «جميلة»، فالذي أراه هو بقعة من اللون ذات شكل معين، لها أبعاد معينة يمكن قياسها ويمكن رسمها على الورق، كذلك «أرى» في الوردة تركيبا كيماويا معينا إذا حللتها، لكن لن «أرى» في الوردة عنصرا اسمه «جمال»، وإذن فوصفي لها بهذه الصفة هو شيء أضيفه لها من عندي، وإن شئت دقة فقل هو وصف شعوري إزاءها لا وصف لها هي، وعلى هذا لا يكون «الجمال» من بين ما أدركه من الوردة بحواسي، فالعبارة التي تحتوي على كلمة «جمال» هي عبارة في الحقيقة تتحدث عما ليس يحس، أي إنها عبارة ميتافيزيقية، سنبين فيما يلي كيف تخلو من المعنى.
فالقارئ الذي سيعجب لنفسه منذ بداية الحديث، كيف يقال عن «الخير» وعن الجمال إنهما ليسا مما تدركه الحواس، مع أنه يرى بعينيه ويسمع بأذنيه أشياء خيرة أو جميلة في ذواتها، وما مهمة الحواس إزاءها إلا إدراكها كما تدرك ضوء الشمس وصورة الجبل، مثل هذا القارئ هو في حقيقة أمره في حكم من يأخذ بمذهب معين في الخير والجمال، هو المذهب الذي يجعل «القيم» موضوعية، وإنما كتب هذا الفصل لمحاولة إقناعه بأن «القيم» جزء من ذاته هو، وأن العالم الخارج عن ذاته لا خير فيه ولا جمال، وإنما هو عالم من أشياء، فإذا أراد أن يقف إزاءها وقفة العالم الذي ينطق كلاما ذا معنى، كان لا بد له من قصر الحديث على وصف ما يراه فعلا وما يسمعه وما يحسه بسائر حواسه، دون إضافة شيء من ذات نفسه إلى الوصف، وإلا فقد أراد لنفسه شيئا غير العلم ومجاله.
2
إننا سنقصر حديثنا فيما يأتي على العبارات الأخلاقية، التي ترد فيها كلمات مثل «خير» و«واجب» ... إلخ، حصرا لدائرة البحث وتركيزا لانتباه القارئ، وذلك على اعتبار أن ما يجوز قوله عن العبارة الأخلاقية، يمكن أن يقال كذلك عن العبارة الجمالية، من حيث إن كلتيهما تشمل ألفاظا دالة على «قيمة»، كائنة ما كانت. ومعظم مجهودنا الآن موجه إلى إثبات أن العبارة التي تتحدث عن «قيمة» شيء - «خيرا» كانت أو «جمالا» - هي عبارة فارغة من المعنى.
فأول ما نقوله في هذا الصدد، هو أن للغة عملين ينبغي أن نميز أحدها من الآخر تمييزا واضحا، وهما: التعبير من جهة، والتصوير من جهة أخرى،
1
ونقول عن العبارة اللغوية إنها تعبيرية
2
حين نريد أن نقول إنها منصرفة إلى إخراج ما يشعر به القائل داخل نفسه، مما يستحيل على سواه أن يراجعه فيه؛ لأنه شعور ذاتي خاص به، كشعوره بالألم أو باللذة مثلا، ثم نقول عن العبارة اللغوية إنها تصويرية
अज्ञात पृष्ठ