मेटाफिज़िक्स का एक दृष्टिकोण
موقف من الميتافيزيقا
शैलियों
9
ونعود الآن إلى الميتافيزيقي فنسأله: ماذا أنت معتزم أن تقول إذا ما قلت عبارة ميتافيزيقية موضوعها كلمة «المطلق» كالعبارة التي قالها «برادلي» وتناولناها بالتحليل (في الفصل الأول) وهي «المطلق يدخل في تطور العالم وتقدمه ولكنه هو نفسه لا يطرأ عليه تطور أو تقدم.»
هل تريد أن تقول عن «المطلق» - مثلا - كلاما هو نفسه تعريف «المطلق» عندك، وبذلك لا تفعل سوى أن تعرف لنا كلمة على هواك، أم تريد أن تقول لنا عن هذا «المطلق» خبرا جديدا بحيث يتحتم عليك أن تبين لنا نوع الخبرة الحسية التي يجوز لنا أن نرجع إليها إذا أردنا لكلامك التحقيق والتصديق.
أما أن الميتافيزيقي يقول كلاما مستمدا من الخبرة الحسية، ويمكن الرجوع إلى الخبرة الحسية في تحقيقه، فذلك ما لا أظن أحدا يزعمه؛ لأن «المطلق» - الذي قلنا إنه موضوع ميتافيزيقي غير منازع - ليس مما يرى بالعين أو يسمع بالأذن، أو يحس بأية حاسة أخرى، إنه إذا كان بين المحسات، أصبح محددا بمكان معين وزمان معين وصفات معينة، ولم يعد «مطلقا»، فلست إذن بمطالب، ولا هو من حقك، أن تقول للميتافيزيقي الذي يقول: «إن المطلق يدخل في تطور العالم وتقدمه، لكنه هو نفسه لا يطرأ عليه تطور أو تقدم.» أين وكيف عساي إن أرى هذا المطلق أو أسمعه أو ألمسه؛ لأرى إن كانت ظواهر العالم تتطور بقوله أو لا تتطور؟ لست بمطالب بهذا، ولا هو من حقك أن تطلبه؛ لأن الميتافيزيقي لا يدعيه.
فهل يقول لنا الميتافيزيقي - إذن - عبارات تحليلية كهذه التي يقولها الرياضي؟ لو كان أمره كذلك، لقيل في كلامه ما يقال في القضايا الرياضية، وهو أنها تحصيل حاصل، تحلل صيغة بصيغة تساويها؛ ولذلك فهي يقينية حتما، لكن أمر الميتافيزيقي ليس كذلك، إنه لا يقول، حين يدعي ما يدعيه، إني أحلل لفظة إلى ما يساويها، بل هو «يصف» كائنات يزعم وجودها بصفات معينة، فإذا طلبت إليه أن يدلك على الخبرة الحسية التي من شأنها أن تطلعك على تلك الكائنات، حتى ترى لنفسك إن كانت حقا موصوفة بالصفات التي زعمها أو لم تكن، أجابك بأنها ليست مما يحس ... وإذن فهو في موقف عجيب، يقول كلاما عن «أشياء»، ثم يرفض أن يدلك كيف يمكن أن تلتمس تلك «الأشياء» في خبرتك لتصدقه أو تكذبه، فلا هو على استعداد أن يحقق لنا ما يقوله بالخبرة الحسية كما يفعل الذين يحدثونا عن الأشياء الخارجية في العلوم أو في الحياة الجارية، ولا هو بقانع أن يجيء كلامه تحصيل حاصل حتى نصفه بالصدق من غير التجاء إلى خبرة حسية، وإذن فلا هو يقول عبارات تركيبية كالتي يقولها العلماء الطبيعيون، ولا عبارات تحليلية كالتي يقولها علماء الرياضة، فأي نوع من الكلام يقول؟
4
كلام الميتافيزيقي فارغ لا يحمل معنى، «فتعريف الجملة الميتافيزيقية هو أنها عبارة يراد بها أن تعبر عن قضية حقيقية، لكنها في حقيقة أمرها لا هي بمعبرة عن تحصيل حاصل، ولا عن فرض تحققه التجربة. ولما كانت تحصيلات الحاصل والفروض التجريبية تستنفد كافة القضايا ذات المعنى، كان لنا ما يبرر التأكيد بأن ما تقوله الميتافيزيقا خال من المعنى.»
10
يزعم لنا الميتافيزيقي أنه قد جاءنا بعلم عن الحقيقة التي لا تدخل في نطاق الطبيعة المحسوسة المشهودة، إذ هو يحدثنا عن «أشياء» تجاوز عالم الشهادة والحس، فنسأله من أي المقدمات استخلصت نتائجك التي انتهيت إليها؟ أليس يتحتم عليك - كما يتحتم على سائر الناس - أن تبدأ بشهادة حواسك؟ وإن كان ذلك كذلك، فكيف يجوز أن تستنبط من مقدمات حسية نتائج عن حقيقة أخرى خارجة عن نطاق الحواس؟ إنك إذا بدأت بمقدمات تجريبية، وحصرت نفسك فيما تنبئك به، فيستحيل أن تستدل وجود «شيء» أو «صفة» مما يخرج عن نطاق التجربة.
وقد يجيب الميتافيزيقي على ذلك قائلا: لا، إنني لم أبدأ رحلتي بشواهد مما تأتي به الحواس، إنما اعتمدت على أداة أخرى لكسب ما كسبته من المعرفة بما يقع خارج حدود العالم التجريبي، وتلك الأداة هي «الحدس» أو العيان العقلي المباشر، فبهذه الوسيلة الإدراكية أستطيع أن أعلم ما يستحيل على الحواس أن تجيئني به ... وحتى لو كنت أستخلص نتائجي الميتافيزيقية اللاتجريبية من مقدمات تجريبية، ثم تبين لكم أنني مخطئ في استنتاج ما هو لا تجريبي مما هو تجريبي، فإنكم بذلك تشيرون إلى خطأ عقيدتي في سلامة استدلالي، لكنكم لا تقيمون الدليل بذلك على أن النتائج التجريبية في ذاتها مخطئة، فقد تظل هذه النتائج صوابا على الرغم من خطئي أنا في الظن بأنها مستمدة من المقدمات التي زعمتها لها ... بعبارة أخرى، ليس لكم الحق في رفض الميتافيزيقا وحذفها على أساس أن المنهج الذي اتبع في تحصيلها منهج خاطئ؛ لأن الخطأ قد يكون محصورا في الطريقة، ولا ينصب على النتيجة.
अज्ञात पृष्ठ