मेटाफिज़िक्स का एक दृष्टिकोण
موقف من الميتافيزيقا
शैलियों
وأعني به سقراط، الذي انصرف بمجهوده الفلسفي كله إلى غاية واحدة، هي تحليل بعض الألفاظ المتداولة - وبخاصة في مجال الأخلاق - وتحديد معانيها، فيحاول - مثلا - أن يحدد معنى ألفاظ كالتقوى والشجاعة ونحو ذلك.
لقد كان المذهب السقراطي في الأخلاق قائما على أساس أن الفضيلة يمكن أن تلقن بالتعليم، أي إنها معرفة كأي معرفة أخرى، يعلمها المعلم لتلاميذه، لكنه لم يتناولها بالشرح المفصل؛ ماذا تكون قضايا هذا العلم، لم يجهد نفسه في الوصول إلى «الحقائق» التي من مجموعها يتألف «علم الاخلاق»، كما يتألف علم الضوء مثلا من مجموعة قوانين، لم يجهد نفسه في ذلك، على الرغم من يقينه بأن الأخلاق يمكن أن تستوي علما بمجموعة قضاياه؛ لأنه أنفق جهده في محاولة الإجابة عن سؤال آخر يأتي منطقيا قبل تقرير الحقائق الأخلاقية، وهو: كيف يمكن الوصول إلى علم ثابت يقيني في هذا الميدان المعين، ميدان الأخلاق؟ أعني أنه حاول أولا أن يفكر في «المنهج» العقلي الذي من شأنه أن يوصل الإنسان إلى ما يريد أن يصل إليه من حقائق في ميدان بحثه هذا، حاول أولا أن يتناول كلام الناس في هذا الميدان كما هو، فيأخذ منه عبارة كما اتفق، فيتناولها بالتحليل وتحديد المعاني ليرى إن كان ما تعود الناس قوله في هذا المجال كلاما متسقا مفهوما خاليا من التناقض، فإن وجده كذلك صح أن يضاف إلى قائمة الحقائق التي تكون علم الأخلاق، وإلا فلا مندوحة عن مراجعته وتصحيحه وتقويمه.
والذي يستوقف النظر في هذا الصدد، مما له علاقة مباشرة قوية بموضوعنا، هو أنه لم يكن يعبأ بالوصول من تحليلاته إلى نتائج يقررها، ولم يكن يشعر بشيء من خيبة الرجاء إذا ما وجد تحليله لم ينته به إلى نتيجة؛ ذلك لأن غايته المقصودة باعتباره فيلسوفا هي عملية التحليل في ذاتها، إذ الفلسفة فعل لا قول كما أسلفنا، هي فاعلية تحليلية وليست بتقرير لنتائج معينة وتوكيد لأحكام بذاتها في هذا الموضوع أو ذاك .
يقول سقراط في محاورة الدفاع،
36
ردا على اتهام مليتس له بأنه كان يبحث في الطبيعة وظواهرها: «... لشد ما يسوءني أن يتهمني مليتس بمثل هذا الاتهام الخطير، أيها الأثينيون، الحق الصراح أني لا أتصل بتلك الدراسة الطبيعية بسبب من الأسباب، ويشهد بصدق قولي كثير من الحضور، فإليهم أحتكم، انطقوا إذن يا من سمعتم حديثي، وأنبئوا عني جيرانكم، هل تحدثت في مثل هذه الأبحاث كثيرا أو قليلا؟»
لا، لم يكن سقراط فيلسوفا إذا كانت مهمة الفيلسوف أن يقول ويقرر هذه الحقيقة أو تلك عن ظواهر العالم كائنة ما كانت، لكنه كان نموذج الفلسفة الكامل، إذا حددنا معنى الفلسفة بأنها فاعلية التحليل المنطقي لما يقوله الناس في ميادين الفكر المختلفة، وقد اختار هو لنفسه ميدانا واحدا من هذه الميادين، هو ميدان الأخلاق، فالمادة الخامة التي صب عليها فاعليته الفلسفية، هي العبارات التي ينطق بها الناس في أحاديثهم المتصلة بالمعاني الأخلاقية كالتقوى والشجاعة وما إلى ذلك.
إن المكانة الرئيسية التي يحتلها سقراط في الفكر اليوناني هي - بغير شك - مكانة مستمدة من منهجه الذي اشترعه التفلسف، لا فيما عسى أن يكون قد قرره للناس من حقائق أو أثبته لهم من قضايا، وكلمة «الديالكتيك» التي سمي بها كثير من المحاولات المنهجية منذ عهده إلى اليوم، إنما ترجع إلى فنه في النقاش الفلسفي.
37
وكذلك كان أفلاطون فيلسوفا تحليليا في كثير مما تعرض له، ومحاورة بارمنيدس مثل جيد لطريقته في التحليل، فبعد مقدمة طويلة، تتألف هذه المحاورة من أجزاء، كل جزء منها يحلل فرضا ميتافيزيقيا ليستخرج منه مضمونه، ولما كانت هذه الفروض الميتافيزيقية مستمدة من فلسفة بارمنيدس، فقد أسماها باسمه.
अज्ञात पृष्ठ