मतलच बुदूर
مطلع البدور ومجمع البحور
शैलियों
بن محمد المهدي لدين الله سلام الله عليه. كان هذا السيد كما قال السيد شمس الدين: أحد العلماء الزعماء، وتولى الجهاد مع الإمام في (صعدة) ونواحيها، واشتدت يده على الأشراف بني حمزة، وكان مقيما بمسجد دبة(1) بمدينة صعدة المحروسة، فلما دخل الإمام المهدي وأعوزته الحال إلى سائس لجنوده ومقدم على ألويته وبنوده، أخرجه من ذلك المسجد وهو على حال الطلب، فألفاه على أحسن ما طلب، حرك أسدا باسلا، وهز رمحا عاسلا، وقال له - رحمه الله -: ما حاصله: سترى نفعه فأنجز الله عدته. وقال السيد شمس الدين في حقه: كان من أكمل الناس وأعلاهم مرتبة ومنزلة، إنما كان في عداد الأئمة، لا في عداد السادات والأمراء، اشتغل بالعلم، فبرز فيه غاية التبريز وأحرز فنونه جميعها، وكان السيد الإمام عبد الله بن يحيى من تلامذته، ويسند إليه في كثير من مسنداته، وبلغنا أن من حوامله على طلب /61/ العلم الطلب الشديد ما لزمه من الأنفة من حديث وقع إليه من ابن عمه الإمام الناصر صلاح بن علي، وذلك أن السيد إبراهيم بن يحيى قال له في أيام الطلب والقراءة: ما هذا بيدك؟ يشير إلى كتاب كان بيده، فقال: هو نحو بعيدا منك، فقال: أو تقول ذلك؟ ستعلم به. فأمعن في الطلب للعلوم حتى حوى المنطوق والمفهوم، ثم إنه كان في صعدة والإمام المهدي علي بن محمد بها مقيم مشتغل بحرب الأشراف، والسيد مقيم في طلب العلم، وكان الأمير يحيى بن أحمد القائم بأمر الإمام ومقدمه على العسكر، وكان الأمير لا يزال يغضب، ويرضى، ويطلب المطالب الشاقة، فشق ذلك على الإمام، فأمر لولد أخيه السيد إبراهيم بن يحيى من المسجد المعروف بمسجد دبة، وقال له: قد عرفت فعل الأمير يحيى بن أحمد معنا، ولم نجد في الأصحاب من يكفينا، ويقوم مقامه، فهل من همة تدعوك إلى أن تكفينا هذا الأمر، وتحدوك إلى فضيلة الجهاد، وكان الإمام يخيل فيه بعض ما يروم، فقال له: إنك ستجد - إن شاء الله - مني ما هو فوق ظنك. ثم قام فقاد العسكر (والمقانب) والجيوش وأغرق في نكاية الأشراف، وتبعهم في البلاد، وكمل في أمر السياسة لما لم يكمل له الأمير يحيى بن أحمد ولا غيره من الناس، وكانت له فراسة جيدة وهمة عالية، ونزل بلاد السلطنة وبلغ أقصى التهائم، وأقام (بحرض)، ودخل (زبيد)، وركب بها في وقت يسير سبعين رأسا من الخيل، وأقام على ذلك في زمن الإمام علي وولده الإمام الناصر. ثم وقع في نفس السيد إبراهيم وأخيه محمد وولده علي بن إبراهيم ما وقع في أول أيام الإمام المنصور بالله علي بن صلاح، فرأى المصلحة في منعهم من صعدة فأقاموا بصنعاء من غير أن يظهر لهم تنكر ولا أمر يشعر بدخول شيء في النفس، وترك أولادهم في (المنصورة)، وأقام في المدينة الأمير الباقر وغيره، وكان السيد إبراهيم بعد ذلك زعيم عسكر المنصور بالله بصنعاء، وله أيام وقتالات عظيمة للأمراء آل يحيى بن الحسن (والإسماعيلية)، منها الوقعة العظيمة (بالحتارش) التي قتل فيها السيد محمد (بن)(1) السيد علي بن أبي القاسم، وأخبار السيد صارم الدين كثيرة وأوصافه (جميلة)(2) شهيرة، توفي بذمار في سنة ثلاث وثمانمائة وقبره - رحمه الله - بجربة صبير(3) بالقرب من قبر سيدي الهادي - رحمه الله تعالى -.
पृष्ठ 116