مستخفيًا في صندوق مقفل عليه، ثم سار إليه، وصحبه إلى مصر لما استدعي لنيابة ابن أخيه الملك المنصور.
ولما قصد الملك العادل الديار المصرية، وأخذها من ابن أخيه، وتعوض الملك الأفضل البلاد الشرقية، وخرج من مصر، لم يخرج ضياء الدين في خدمته؛ لأنه خاف على نفسه من جماعة كانوا يقصدونه، فخرج منها مستترًا.
وغاب عن مخدومه الملك الأفضل مُدَيْدَة، ولما استقرَّ الأفضل في سميساط عاد إلى خدمته، وأقام عنده مدة، ثم فارقه في ذي القعدة سنة ٦٠٧هـ واتصل بخدمة أخيه الملك الظاهر غازي صاحب حلب، فلم يطل مقامه عنده ولا انتظم أمره، وخرج مغاضبًا، وعاد إلى الموصل، فلم يستقم حاله، فورد إربل، فلم يستقم حاله، فسافر إلى سنجار، ثم عاد إلى الموصل، واتخذها دار إقامته، واستقرَّ وكتب الإنشاء لصاحبها ناصر الدين محمود بن الملك القاهر عز الدين مسعود بن نور الدين أرسلان شاه، وأتابك يومئذ بدر الدين أبو الفضائل النوري، وذلك في سنة ٦١٨هـ.
قال ابن خلكان: ولقد ترددت إلى الموصل من إربل أكثر من عشر مرات وهو مقيم بها، وكنت أود الاجتماع به لآخذ عنه شيئًا، ولما كان بينه وبين الوالد -رحمه الله تعالى- من المودة الأكيدة، فلم يتفق ذلك، ثم فارقت بلاد المشرق، وانتقلت إلى الشام، وأقمت به مقدار عشر سنين، ثم انتقلت إلى الديار المصرية، وهو في قيد الحياة، ثم بلغني بعد ذلك خبر وفاته وأنا بالقاهرة.
ولضياء الدين من التصانيف، الدالة على غزارة فضله، وتحقيق نبله كتابه الذي سماه "المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر" وهو في مجلدين جمع فيه فأوعى، ولم يترك شيئًا يتعلق بفنِّ الكتابة إلا ذكره، ولما فرغ من تصنيفه كتبه الناس عنه، فوصل إلى بغداد منه نسخة.
وله كتاب "الواشي المرقوم في حل المنظوم" وهو مع وجازته في غاية الحسن والإفادة.
وله كتاب المعاني المخترعة في صناعة الإنشاء، وهو أيضًا نهاية في بابه.
1 / 28