نادرة: حكي أن بعضهم كان إذا لعب الشطرنج ضارب خصمه فوصف لبعض الظرفاء فقال أنا ألتزم اللعب معه وما يحصل بيننا ضراب فلما أتى به ولعبا قال له في أثناء اللعب شاه استر فقال مليح والله القرنان أنت والقواد أنت فقال يا أخي ما الذي قلت لك قال قلت استر وهي اشتر وما يشتر إلا الجمل والجمل تصحيفه حمل والجمل اسم نجم في السماء يقاربه الجدي والجدي كبش والكبش القرنان هو الذي يقود فقال يا أخي ما رأيت من يضارب بتصحيف وتفسير إلا أنت.
نادرة: سأل بعض الأكابر إنسانًا فقال تعرف اللعب بالشطرنج فقال لا والله يا مولانا ولكن لي أخ اسمه عز الدولة وهو أخي لأمي أكبر مني بسنتين وأكبر بشيء يسير كان قد حصل بيني وبينه خصومة غاظته فسافر من مدة عشرة أعوام وسكن مدينة قوص وبلغني أنه فتح له دكان عطر وإلى الآن ماورد على المملوك منه كتاب وهو أيضًا ما يعرف بلعب الشطرنج.
ومشى البيدق مع شاب موسوم بالجمال فقال شمس الدين المنجمة الشاعر أراك يا بيدق تفرزن حول هذا النفس، فقال له وإذا كان ذلك فقال أخشى عليك من ذلك الرخ لايقطعك من الحاشية ويرميك عن الفرس ويقطع عليك الرقعة ولو كان في كفيك الفيل يشير بقوله ذلك الرخ إلى أحد الأعيان كان يحب الشاب المذكور.
نادرة: بعض الأجناد كان كثيرًا يلعب الشطرنج مع مخدومه وكان الجندي خليعًا فأعطاه الأمير فرسًا وقال له لا تفرط فيها قال نعم وبعد ذلك ألفاه راجلًا وهو لابس جوخة قال ويلك أين الفرس فقال ياسيدي ضربني الشتاشاه مات سترت بالفرس.
وما أحسن قول القاضي الفاضل يصف حصار قلعة وجثا المنجنيق يحاكمها ولسان حبلة يخماصمها والخادم تحت المنجنيق الإسلامي يعرض وجهه للمنجنيق الفرنجي ونقل قطع الستائر نقل قطع الشطرنج جنب التراس بيادق والجنابي رخاخ وجنب القلاع صيد والمنجنيقات فخاخ.
وقال الشيخ جمال الدين بن نباتة وظرف:
أشكوا السقام وتشكو مثله أمرأتي ... فنحن في الفرش والأعضاء نرتج
نفسان والعظم في نطع يجمعنا ... كأنما نحن في التمثيل شطرنج
وله ملغزًا فيه:
وما صامت يمضي ويرجع حائرًا ... ويقضي على أوصاله الوصل والصد
كأن الأسى آلى عليه إليه ... فما فيه إلا النفس والعظم والجلد
وأحرفه خمس على أن شطره ... ثلاث أخماس الحروف التي تبدو
وله فيمن يلعب غائبًا:
ولاعب يعرب شطرنجه ... عن ذهنه المتقد الصائب
يغيب لكن ذهنه حاكم ... يا حبذا من حاكم غائب
وله:
لله في الشطرنج فكرة لاعب ... إن غاب أو حضر اجتنيت حدايقه
شكرته نفس اللعب أو نفس النهي ... هاتيك صامته وهذي ناطقه
وقال الشيخ بدر الدين بن الصاحب:
تأمل تر الشطرنج كالدهر دولة ... نهارًا وليلًا ثم بؤسًا وأنعما
محركها باق ويفنى جميعها ... وبعد الفنا تحيى وتبعث أعظما
قلت: وهذا يشبه قول القاضي الفاضل وقد أخرج له السلطان الملك الناصر صلاح الدين من القصر من يعاني خيال الظل ليفرجه فقام الفاضل فقال له صلاح الدين عن كان حرامًا فما نحضره وكان حديث عهد بخدمته قبل أن يلي السلطنة فما أثر أنه يتكدر عليه فقعد إلى آخره فلما انقضى ذلك قال له السلطان كيف رأيت ذلك فقال موعظة عظيمة رأيت دولًا تمضي ما كأنها ودولًا تأتي ولما طوى الأزار طي السجل الكتاب إذا بالمحرك واحد فأخرج هذا الجد في هذا الهزل.
وللشيخ بدر الدين أيضًا مضمنًا:
أميل لشطرنج أهل النهي ... وأسلوه من ناقل الباطل
وكم هذبت طبع لعابها ... وتأبى الطباع على الناقل
وقال:
لعبت بالشطرنج في غاية ... تقصر الأوصاف عن حدها
إن صاح في الأقران لي بيدق ... تموت منه الشاة في جلدها
وقال أيضًا وكان يلعبها غائبًا وله يد طولى فيها:
لي في الشطرنج نقل ... أتقن الأدمان حفظه
ألعب الغائب منها ... فأراه طيف يقطه
وكتب إلى شيخنا العلامة عز الدين الموصلي من حماة المحروسة كتابًا وفيه من المتجددات قوله مضمنًا:
جاهل شطرنج يناجي وقد ... أمات نفس اللعب من عكسه
ما تفعل الأعداء في أحمق ... ما يفعل الجاهل في نفسه
وقال جممال الدين بن نباتة:
1 / 35