मतालिक बुदूर

अल-गुज़ुली d. 815 AH
120

मतालिक बुदूर

مطالع البدور ومنازل السرور

بكل تداوينا فلم يشف ما بنا على أن قرب الدار خير من البعد ثم قال إبراهيم هذا الغناء المأخوري خذه وانح نحوه في غنائك وعلمه جواريك فقلت أعده علىَّ فقال لست تحتاج قد أخذته وفرغت منه ثم غاب من بين عيني فارتعت وقمت إلى السيف فجردته ثم غدوت نحو أبواب الحرم فوجدتها مغلقة فقلت للجواري أي شيء سمعتن عندي فقال، سمعنا أحسن غناء ما سمع بمثله قط فخرجت متحيرا إلى باب ٠الدار فوجته مغلقًا فسألت البواب عن الشيخ فقال أي شيخ والله ما دخل إليك اليوم أحد فرجعت لأتأمل أمري فإذا هو قد هتف من بعض جوانب البيت وقال لابأس عليك يا أبا إسحاق أنا إبليس وأنا كنت نديمك اليوم فلا ترع فركبت إلى الرشيد وأظرفته بالحديث فقال لي ويحك اعتبر الأصوات التي أخذتها فأخذت العود فإذا هي راسخة في صدري فطرب الرشيد عليها وجلس يشرب ولم يكن عزم على الشرب وأمر لي بصلة جزيلة قال وكأن الشيخ أعلم بما قال أنك قد أخذتها وفرغت منها فليته أمتعنا بنفسه يومًا واحدًا كما أمتعك قال أبو الفرج الأصفهاني هكذا حدثتا ابن أبي الأزهر لهذا الخبر وما أدرى ما أقول فيهز عن المداينى قال، قال إبراهيم الموصلي قال لي الرشيد يومًا يا إبراهيم قد جعلت غدا للحرم وليلته للشرب مع الرجال واقتصرت من المغنين عليك فلا تشتعل غدا بشيء ولاتشرب نبيذًا وكن بحضرتي في وقت العشاء الآخرة فقلت السمع والطاعة لأامير المؤمنين فقال وحق أبي لئن تأخرت أو اعتللت بشيء لاضربن عنقك قلت نعم يا أمير المؤمنين وخرجت فما جاءني من أحد إلا احتجبت عنه ولاقرأت رقعةً لأحد حتى إذا صليت المغرب ركبت قاصدًا إغغليه فلما قربت من داره مررت بفناء قصر وإذا زنبيل كبير مستوثقمنه بحبال وأربع عرى آدم قد دلى من القصر وجارية قائمة تنتظر إتساتًا قد وعد ليجلس فيه فنازعتني نفسي إلى الجلوس فيه ثم قلت هذا خطأ فلعله إن يجري سبب يعوقني عن الخليفة فيكون الهلاك فلم أزل أنازع نفسي حتى غلبتني فجلست في الزنبيل فرفع حتى صار في أعلى القصر ثم خرجت فنزلت فإذا جوار كأنهن أقمار جلوس فضحكن وطربن وقلن يا عدو الله ما أدخلك إغليتا فقلت يا عدوات الله الذي أردتن إدخاله خير مني ولم يزل ذلك دائرًا وهن يضحكن وأضحك معهن فقالت إحداهن أما من أردتن فقد فات وما هذا إغغلا ظريف فهلمن نعاشره معاشرةً جميلة فأخرج إلى طعام ولم يكن في فضل إلا أني كرهت أن أنسب إغلى سوء العشرة فأصبت منه ثم جيء بالنبيذ وجعلت أشرب وأخرجن ثلاث جوار لهن فغنين غناءً حسنًا فغنت أحداهن صوتًا لمعبدٍ فقالت إحدى الثلاث من وراء الستر أحسن إبراهيم هذا له فقلت كذبت هذا لمعبدٍ فقالت يا فاسق وما يدريك الغناء ما هو ثم غنت الأخرى صوتًا للغريض فقالت تلك أحسن إبراهيم هذا له أيضًا فقلت كذبت يا خبيثة هذا للغريض فقالت اللهم اخزه ويلك ما يدريك ثم غنت الجارية صوتًا لي فقالت تلك هذا لشريح وأحسن فقلت كذبت هذا لإبراهيم وأنت تنسبين غناء الناس إليه وغناؤه إليهم قفالت وما يدريك فقلت أنا إبراهيم فتباشرن بذلك وظهرن كلهن لي وقلن كتمنا نفسك وقد سررنا سرورًا عظيمًا فقلت أنا الآن أستودعكن الله فقلن وما السبب فأخبرتهن بقصتي مع الرشيد فضحكن وقلن الآن وقد طاب حبسك علينا إن خرجت أسبوعًا فقلت هو والله القتل فقلن إلى لعنة الله فأقمت والله عندهن أسبوعًا لا أزول فلما كان بعد أسبوع ودعنني وقلن لي إن سلمك الله فأنت بعد ثلاث أيام عندنا فقلت نعم فأجلسنني في الزنبيل وسرحت فمضيت لوجهي حتى أتيت دار الرشيد فإذا النداء قد أشيع ببغداد في طلبي وأن من أحضرني قد سوغ مالي وملكي فإستأذنت فتبادر الخدم حتى أدخلوني على الرشيد فلما رآني شتمني وقال: السيف والنطع إنك يا إبراهيم تشاغلت عني وجلست مع السفهاء أشباهك حتى أفسدت عن لذاتي فقلت يا أمير المؤمنين أنا بين يديك وما أمرت به غير فائت ولي حديث عجيب ما سمع بمثله وهو الذي قطعني عنك ضرورة لاختيار ناسمعه فإن كان عذرًا فقبله هاته فحدثته فوجم ساعة ثم قال إن هذا لعجيب أفتحضرني معك قلت نعم وأجلسك معهن إن شئت قبلى حتى تحصل عندها وإن شئت فعلى موعد فقال بلى على موعد قلت أأفعل قال انظر قلت ذلك ذاك حاصل فلما أصبحت أمرني بالإنصراف وان أجيئه من عندهن فمضيت إليهن وقت الوعد فوجدت الزنبيل على حاله فجلست فيه ومدت الجواري وصعدت فلما رأينني

1 / 120