حتى رأيتُ اليومَ ولّى عمرهُ ... والليل مُقْتَبِل الشبيبةِ داني
والشمسُ تنفُضُ زَعفرانًا في الرُّبى ... وتفت مِسْكتها على الحيطانِ
فنزلنا حينئذ بها في مرج فسيح الرحاب، وسيع الجناب، مربع الأجْنَاب، به للدواب مراتع ومرافق ومرابع، يسافر النظر في أرجائه، ولا يقف على مدى انتهائه، وبه ماء عذب جار، لكنه من حرارة الشمس حار.
ثم رحلنا منها عندما بزغ القمر، ونبغ نوره وظهر، وبلغ أقصى الآفاق وانتشر، واستمر بنا الخبب والركض، في بسيط من الأرض، فسيح الطول والعرض:
سَرَيتُ به أُحْييهِ لا حَيّةُ السُّرَى ... تَِمُوتُ، ولا مَيْتُ الصّباحِ يُعادُ
يُقَلِّبُ منّي العَزمُ إنسانَ مُقلَةٍ ... له الأُفق جَفنٌ والظّلامُ سهادُ
حمص
ولم نزل نعاني السرى، ونعاصي الكرى، إلى أن بلغ الليل غايته، ورفع الفجر رايته، ونكصت النجوم على أعقابها، وسفرت الجَوْنَة عن نقابها، وتجلى وجه النهار مستبشرًا، ووفدت تباشير الصباح زُمَرًا، ثمّ برزت الشّمس في مروط
1 / 43