134

أبي بلتعة قد كتب كتابا إلى أهل مكة يقول فيه: من حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة أن رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) يريدكم فخذوا حذركم. وإنه دفع الكتاب إلى الظعينة المذكورة وأعطاها عشرة دنانير على أن توصل الكتاب إلى أهل مكة، فلما أخبر جبرائيل رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) بذلك، اختار رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) عليا ((عليه السلام)) فبعثه ومعه الزبير والمقداد وقال لهم:

«انطلقوا إلى روضة خاخ فإن فيها ظعينة معها كتاب من حاطب إلى المشركين فخذوه منها وخلوا سبيلها، فإن لم تدفعه إليكم فاضربوا عنقها» فخرجوا حتى أدركوها في ذلك المكان فقالوا: اين الكتاب فحلفت بالله ما معها كتاب ففتشوا متاعها فلم يجدوا كتابا فهموا بالرجوع وتركوها، فقال علي ((عليه السلام)): والله ما كذبنا رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) وسل سيفه وجزم عليها وقال: أخرجي الكتاب وإلا والله لأجردنك ولأضربن عنقك، وصمم على ذلك فلما رأته الجد أخرجت الكتاب من ذؤابتها قد خبأته في شعرها، فأخذ الكتاب منها وخلوا سبيلها وعادوا إلى رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم))، فأخذ الكتاب فوجده على ما أخبره به جبرائيل ((عليه السلام)).

فاستخرج علي ((عليه السلام)) بقوة عزمه وتصميم إقدامه وجزمه ومتانة احتياطه وحزمه، ذلك الكتاب المرقوم المنفذ من النمام المذموم إلى مشركي مكة ليحترزوا في أمرهم ويتأهبوا للحرب عند قصدهم فكشف هذه الغمة بشدة بأسه وابطل هذه المكيدة بقوة أنفاسه.

وأما جهاده في سبيل الله (تعالى):

[ومثل ذلك ما نقله الرواة في نصرته لله] واجتهاده في قتال المشركين في الغزوات والسرايا فاشهر من نصرة الأنصار وأظهر من ظهيرة النهار.

وقد نقل الواحدي (ره) في كتابه الذي صنفه في أسباب النزول أن الحسن والشعبي والقرظي ((رحمهم الله)) قالوا: إن عليا ((عليه السلام))

पृष्ठ 143