208

بعض أطفال آل برايس كان في عمر صوفي، وبعضهم كان أكبر سنا، لكنهم كانوا جميعا أصغر حجما. كم كان عددهم؟ ماذا كانت أسماؤهم؟ تستطيع صوفي أن تتذكر ريتا، شيلدون أو سيلون، جورج، آني. كانوا دوما أطفالا شاحبين، على الرغم من شمس الصيف، وكانت أجسادهم تمتلئ بالعضات، والخدوش، وقشور الجروح، وعضات البعوض، وعضات بعوض القرس، وعضات البراغيث، دامية ومتقيحة. كان ذلك لأنهم كانوا أطفالا فقراء. بسبب فقرهم، كانت ريتا - أو آني - حولاء، وأحد الصبية كان لديه كتفان غير مستويتين على نحو غريب، كما أنهم كانوا يتحدثون على نحو غير صحيح مما جعل صوفي تجد صعوبة في فهم كلامهم. لم يكن أحد منهم يعرف كيف يسبح. كانوا يتعاملون مع القارب كما لو كان قطعة أثاث غريبة؛ شيئا يجري تسلقه، والدخول فيه. لم يكن لديهم أدنى فكرة عن التجديف.

كانت صوفي تحب أن تذهب لكي تحضر اللبن بنفسها، ليس مع أحد إخوتها، بحيث تستطيع أن تتأخر وتتحدث إلى أطفال برايس، وتوجه إليهم أسئلة، وتخبرهم عن أشياء؛ وهو ما لم يكن إخوتها يفكرون في القيام به. أين كانت مدارسهم؟ ما الهدايا التي كانوا يتلقونها في الكريسماس؟ هل يحفظون أي أغان؟ عندما اعتادوا عليها، بدءوا في إخبارها ببعض الأشياء. أخبروها عن المرة التي تحرر فيها الثور من قيده واقترب من الباب الأمامي، وعن المرة التي رأوا فيها كرة من البرق ترقص عبر أرضية غرفة النوم، وعن الدمل الكبير في عنق سيلون وما كان يسيل منه.

كانت صوفي تريد أن تدعوهم إلى المنزل الخشبي. كانت تحلم بتحميمهم، وغسل ملابسهم، ووضع مراهم على العضات في أجسادهم، وتعليمهم كيفية الحديث بصورة صحيحة. في بعض الأحيان، أخذت تحلم حلم يقظة معقدا طويلا كان كله يدور حول الكريسماس في عائلة برايس. كان الحلم يشمل إعادة تزيين وطلاء منزلهم، فضلا عن تنظيف شامل لفنائهم. ظهرت نظارات سحرية، لعلاج العيون الحولاء. كان ثمة كتب مصورة، وقطارات كهربية، ودمى ترتدي أثوابا من التفتة، وجيوش من الجنود اللعبة، وأكوام من حلوى المرزبان التي على شكل فواكه وحيوانات. (كانت المرزبان حلوى صوفي المفضلة. كشفت محادثة مع عائلة برايس عن الحلوى أنهم لم يكونوا يعرفون ما هي.)

ذات مرة، حصلت على إذن أمها لدعوة أحدهم إلى المنزل. كانت الفتاة التي دعتها للحضور إلى المنزل - ريتا أو آني - قد تراجعت في اللحظة الأخيرة، نظرا لخجلها الشديد، فجاءت الأخرى بدلا منها. كانت آني أو ريتا هذه ترتدي أحد أثواب استحمام صوفي، الذي كان فضفاضا عليها بصورة مثيرة للسخرية. وظهر أنه من الصعب تسليتها. فلم تبد تفضيلا لأي شيء. فلم تشر إلى أي نوع من الشطائر أو الحلوى أو الشراب كانت تريد، ولم تشر إلى أنها تريد اللعب بالأرجوحة، أو بجوار الماء أو بالدمى. كان يبدو أن ثمة شيئا راقيا في عدم إبداء اهتمامها بأي شيء، كما لو كانت تلتزم بقواعد سلوكية معينة لم تستطع صوفي أن تعرف عنها شيئا. قبلت الحلوى التي أعطيت إياها، وسمحت لصوفي بدفعها في الأرجوحة، في ظل غياب كامل للحماس. أخيرا، أنزلتها صوفي إلى الماء وبدأت في إمساك الضفادع. كانت صوفي تريد نقل مستعمرة من الضفادع بالكامل من الخليج الصغير المغطى بالجريد من أحد جانبي مرسى القوارب، إلى رف وكهف جميل في الصخور على الجانب الآخر. كانت الضفادع تنتقل من جانب إلى آخر عبر الماء. أمسكت صوفي وابنة برايس بالضفادع، ووضعتها في أنبوب داخلي، ودفعتا بها حول مرسى القوارب - كانت المياه ضحلة، لذا استطاعت ابنة برايس أن تخوض فيها - إلى موطنها الجديد. في نهاية اليوم، كان قد جرى نقل الضفادع كلها .

كانت هذه الفتاة التي من عائلة برايس قد ماتت في حريق بالمنزل، مع بعض الأطفال الصغار، بعد ذلك بسنوات. أو ربما كانت هذه هي الفتاة الأخرى، التي تراجعت عن المجيء. باع الأخ الذي ورث المزرعة إياها إلى مطور عقاري، قيل إنه خدعه في ثمنها. لكن هذا الأخ اشترى سيارة كبيرة - ربما سيارة كاديلاك؟ - وكانت صوفي تراه في أوبريفيل في الصيف. كان ينظر إليها نظرة كان مفادها أنه لن يتحدث إليها إلا إذا تحدثت هي.

تذكرت صوفي أنها حكت قصة نقل الضفادع إلى والد لورنس؛ الذي كان مدرس لغة ألمانية، والذي جذبت انتباهه في البداية من خلال جدلها الشديد، في الصف، حول نطق إحدى الكلمات الألمانية. وبحلول الوقت الذي صارت فيه طالبة دراسات عليا، كانت مغرمة به جدا. وأصبحت حبلى منه، لكن كان كبرياؤها يمنعها من أن تطلب منه أن يتخلى عن كل شيء، أن يترك زوجته، أن يتبعها إلى المنزل الخشبي، حيث كانت تنتظر أن يولد لورنس، لكنها كانت تعتقد أنه كان عليه فعل ذلك. جاء إلى هنا، لكن مرتين فقط، في زيارة. جلسا عند مرسى القوارب، وتحدثت معه عن الضفادع وابنة برايس.

قالت: «بالطبع، عادوا جميعا إلى منطقة الجريد في اليوم التالي.»

ضحك، وعلى نحو ما يفعل الرفاق ربت على ركبتها. «أوه، صوفي. ترين الوضع.»

كان اليوم هو عيد ميلاد لورنس الأربعين. ولد ابنها في يوم الاحتفال بذكرى اقتحام سجن الباستيل. أرسلت بطاقة بريدية لوالد لورنس قالت فيها: «سجين ذكر أطلق سراحه في الرابع عشر من يوليو، زنة ثمانية أرطال وتسع أوقيات.» ماذا كانت زوجته تظن؟ لم تكن لتعرف. تحملت عائلة فوجلسانج الأمر برمته في كبرياء، وانتقلت صوفي إلى جامعة أخرى حتى تتأهل لمسارها الأكاديمي. لم تكذب قط وتقول إنها تزوجت. لكن لورنس، في المدرسة، كان قد اختار أبا له، ابن عم أمه (ومن ثم اشتراكهما في الاسم)، الذي غرق في رحلة بقارب كنو. قالت صوفي إنها كانت متفهمة للوضع، لكنها كانت تشعر بخيبة أمل فيه . •••

في وقت لاحق من الظهيرة، وجدت صوفي نفسها في طائرة. كانت قد ركبت الطائرة مرتين من قبل؛ كلتا المرتين في طائرتين كبيرتين. لم تعتقد أنها كانت ستخاف. جلست في المقعد الخلفي بين حفيديها اللذين كانا يشعران بالإثارة، دينيس وبيتر - كان لورنس في المقدمة، مع الطيار - وفي حقيقة الأمر لم تستطع أن تقول إذا كان ما تشعر به خوفا أو لا.

अज्ञात पृष्ठ