إِلَى أَن وَقع بِمصْر الغلاء والشدة وَالْقَتْل والفتنة وحاول التَّحْوِيل إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة فتسلط عَلَيْهِ فِي الطَّرِيق نفر من المتشبهين بالعسكرية وَأخذُوا مِنْهُ مَا كَانَ يَتَمَلَّكهُ من الْأَمْتِعَة وَالذَّهَب وَلم يبْق لَهُ إِلَّا الْيَسِير من الْكتب وَقد استضر بهم سوانا قوم صَالِحُونَ ﴿وَسَيعْلَمُ الَّذِينَ ظلمُوا أَي مُنْقَلب يَنْقَلِبُون﴾
وَالْحَمْد لله عَلَى مَا سَاءَ وسر ونفع وضر
عَلَى أَن الْيَسِير إِذَا نفع اللَّه تَعَالَى بِهِ كثير والقليل إِذَا ابْتغِي بِهِ وَجه اللَّه فجليل
وَقد أردْت الْآن مَعَ مَا أَنا بصدده من أُمُور الدُّنْيَا وَالتَّصَرُّف فِيمَا يفنى أَن أخلطه بِمَا يبْقى وينفعني إِن شَاءَ اللَّه تَعَالَى فِي العقبى طَمَعا فِي قَوْله سُبْحَانَهُ ﴿وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوب عَلَيْهِم﴾ ورغبة فِي الْآيَة الْأُخْرَى ﴿إِنَّ الْحَسَنَات يذْهبن السَّيِّئَات﴾
واخترت أَن أخرج فِي هَذَا الْكتاب عَن كل شيخ لَقيته وَبَقِي عِنْدِي حَدِيثه حَدِيثا وَاحِدًا أَو اثْنَيْنِ وَرُبمَا زِدْت لعلو سَنَده عَلَى الْحَدِيثين
مُضَافا إِلَى ذَلِكَ مَا سَمِعت عَلَيْهِ من الْأَجْزَاء إِمَّا عقيب حَدِيثه أَو فِي الِابْتِدَاء
سالكا فِي الْكل سَبِيل الِاخْتِصَار وتاركا طَرِيق التَّطْوِيل والإكثار
ليعرف بِهِ الطَّالِب الرَّاغِب رواياتي وأسانيدي وَيقف عَلَى شيوخي وأساتيذي ولأخرج الْأَمَانَة المؤداة من عنقِي وأقلدها غَيْرِي كَمَا قلدنيها من تقدمني وَأدْخل بذلك تَحت قَول النَّبِي ﷺ نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ
1 / 70