मशारिक अनवार अल-अकूल
مشارق أنوار العقول
शैलियों
( قوله كذلك من قال بأنه يجيء الخ) هذا بيان حكم أهل القول بأن أهل النيران جميعا مشركهم وفاسقهم ينقطع تعذيبهم، وجعله كحكم القائلين بأن أهل الكبائر يخرجون من النار أنهم يتأولون في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم ((حتى يضع الجبار فيها قدمه فتقول قط قط أي كفاني))([40]) ورووا أيضا أنه ينبت فيها شجر الجرير وعن
عبد الله([41]) بن عمرو بن العاص ((ليأتين علي النار يوم تصفق فيها أبوابها ليس فيها أحد وذلك بعدما يلبثون فيها أحقابا)) وتأولوا أيضا:
قوله تعالى ((وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين))([42]) (قالوا): فاللعنة محصورة في الدار الدنيا لمل يقتضيه من طبع الفساد فيها وأما يوم القيامة فتنكشف له الحقائق فلا عناد فيعود إلى قربه، وهذا الاستدلال كما ترى ينفي دخوله النار أصلا فيؤول إلى إنكار تعذيب أهل المعاصي وليس في الآية قصر اللعنة في دار الدنيا، لأن لفظ إلى غاية لا قصر ومقتضاه تأبيد اللعن فلا مفهوم له.
(وأما) الحديثان فلا تعلق لهم بهما أيضا لأن قولها قط قط أي حسبي حسبي لا يدل على انقطاع عذابهم وإنما يدل على أن أهلها يكفونها ((يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد))([43]) وكذلك حديث ابن عمرو فإنه لا يدل على أن عذابهم منقطع فعلى تقدير صحته فيحتمل أنهم أخرجوا إلى الزمهرير لتنويع العذاب لهم (واستدلوا) أيضا بأدلة عقلية.
(الأول): إن القوة الجسمانية متناهية فلا بد من فنائها (الجواب) منع تناهيها.
(الثاني): دوام الإحراق مع بقاء الحياة خروج عن قضية العقل الجواب هذا بناء على شرط البنية واعتدال المزاج ولا تقول بدليل الحياة بخلق الله تعالى وقد يخلقها دائما أبدا أو يخلق في الحي قوة لا تخرب معها بنيته بالنار كما خلقها في السمندر وهو حيوان مأواه النار.
(الثالث): النار يجب إفناؤها الرطوبة بالتجربة قليلا قليلا فتنتهي بالآخرة إلى عدمها وتتفتت الأجزاء فلا تبقى الحياة.
पृष्ठ 139