मशारिक अनवार अल-अकूल
مشارق أنوار العقول
शैलियों
( وأما) القول بأنها معلقة بشرط دل عليه الكتاب وهو ما إذا تابوا فإن من فعل كبيرة وتاب منها كان مستحقا لأن يشفع له غيره ولا يلزم من هذا تخصيص الشفاعة بمن أتى الكبيرة ثم تاب منها دون من أوفى ي طول عمره لتغليب من عصا فتاب على من لم يعص قط، والفائدة من تخصيصه بالذكر دفع اياسهم من رحمة الله وتسهيل الطريق لهم ((قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله))([6]).
(قوله من الورى) أي الخلق والمراد به المكلفون (قوله وليس للشقي) أي وليس المذكور من الشفاعة للشقي: وهو من مات مصرا على كبيرة، وهذه الجملة تصريح بالمفهوم من قوله شفاعة الرسول إلى آخره وإنما خص شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم بالذكر دون شفاعة غيره لأن من لم تنفعه شفاعته لم تنفعه شفاعة غيره بطريق الأولى.
(قوله ومن يقل بغير ذا) أي بغير القول الذي ذكرناه إنه كافر كفر نعمة إذا كان متأولا في قوله لأن تأويله عاد إلى إبطال ما أثبته الله في كتابه، والمتأول إنما يتأول قوله تعالى ((عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا))([7]) وقوله تعالى ((ولسوف يعطيك ربك فترضى))([8]) والجواب أنه ليس في الآيتين دليل على ثبوت الشفاعة أصلا فضلا عن أن يقال إنها ثابتة لأهل الكبائر، أما الأولى ففيها ذكر البعث إنه في مقام محمود فلخصم هذا المتأول أن يتأول ذلك المقام بغير الشفاعة تأوله هو بالشفاعة فيصار إلى الأدلة الخارجية، وكذلك الآية الثانية وأيضا فالشفاعة معنى ولا يوصف المعنى بالإعطاء وإنما يوصف بالجعل، بان يقال جعلت لك الشفاعة أو جعلت لك أن تشفع لمن شئت، وأيضا فسياق الآية غير دال على أن المعطى هو الشفاعة لقوله ((وللآخرة خير لك من الأولى))([9]) هذا على أنا لا ننكر ثبوت الشفاعة له صلى الله عليه وسلم لإجماع الأمة على ثبوتها له، فنسأل الله أن يجزل لنا حظنا منها، وإنما قلنا في الآيتين ذلك لتعلم أنه لا تعلق للقوم فيهما.
पृष्ठ 122