صفاته، وبصرا يرى قدرته، وفؤادا يعرف عظمته، وقلبا يعتقد توحيده، ولسانا ينشر تمجيده، وجعل جسده مدينته، والروح منه خليفته، وقلبه كعبته وبيته، الذي أطاف به ملائكته، وكرمه وفضله، وفض له سوابغ النعماء، وأمره بمعرفته، ليشكره على عميم العطاء والنعماء، وأسكنه دار المحنة والابتلاء، وأرسل عليه الرسل ونصب له الأدلاء، وساقه بسوط القهر إلى ميدان الفناء، وساوى بالموت بين الملوك والفقراء، ذلك لطف وعدل لنفوذ قلم القضاء، والوصول إلى دار البقاء، وإعادتهم بعد الموت لطفا واجبا لإيصال العوض والجزاء، فسبحان من فطر الخلائق، فلم يعي بخلقهم حين ابتدأهم، ولم يستأنس بهم حين أوجدهم وأنشأهم، ولم يستوحش لفقدهم إذ أماتهم وأفناهم، ولم يعجزه بعثهم إذ هو أهون عليه إذا دعاهم، للمحسنات وناداهم، تبارك القوي القدير، علمه بهم قبل التكوين كعلمه بهم بعد الإيجاد والتبيين، فسبحان من ألهم، ومن له الفضل والمنن.
آمنت بذي الملك والملكوت، وأسلمت لذي العزة والجبروت، وتوكلت على الحي الذي لا يموت، الرب المنفرد بالوحدانية وعدم القرين، الحي القوي، العلي الغني عن المعين، شهدت بواجب الوجود، ومفيض الكرم والجود، بالأحدية التي لا تحد والوحدانية التي لا تعد، والصمدانية التي ليس لها قبل ولا بعد، والإلهية البسيطة التي كل لها ملك ومملوك، وعبدت من سري وفؤادي وروحي وخيالي وسوادي، بأن الله هو الحق المبين وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، الرب الفرد الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد.
شهدت لربي ومولاي مصور ذاتي، ومقدر صفاتي، الذي له نسكي وصلاتي ومحياي ومماتي، بأنه هو الذي لا إله إلا هو رب كل شيء، وخالق كل شيء ومعبود كل شيء، وملك كل شيء، ومالك كل شيء وبيده ملكوت كل شيء، القيوم الأول، قبل وجود كل شيء، والحي الباقي بعد فناء كل شيء، الواحد المسلوب عنه الشبيه والنظير، الأحد الذي لا كمثله شيء، وهو السميع البصير، لا تدركه الأبصار، وهو يدرك الأبصار، وهو اللطيف الخبير، وأن هذه الصفات الإلهية، والمدائح الربانية، لا يستحقها أحد سواه، ولا يملكها ويستوجبها إلا الله وأنه سبحانه حكم عدل لا جور في قضيته، ولا ظلم في مشيئته وأنه
पृष्ठ 19