ولما وصلت أدنبرو ذهبت توا إلى فندق «سنترال» في شارع اسمه برلسز ستريت - أي شارع الأمراء - وهو أهم شوارع المدينة وأعظمها، يشرف على واد طويل عريض حولته يد الاجتهاد إلى مجموع حدائق بهية، غرس بها من أنواع الزهر والشجر كل ما تشرح الصدور رؤيته، وأنشئت فيها الطرقات الجميلة والبرك البديعة، وقد صنعوا لها عدة سلالم تتصل بشارع برنسز هذا؛ حتى ينزل الأهالي منها إلى الحديقة للتنزه وسماع الأنغام التي تصدح بها مساء كل يوم، فيحتشد الناس هنالك ألوفا على عادتهم في كل مكان مثله. وقد لقيت في هذا الشارع تمثال السر ولتر سكوت الراوية المشهور، وهو من أعظم كتاب اللغة الإنكليزية، ولد في أدنبرو وبني له هذا التمثال على قاعدة من حجر الصوان، وهو بالملابس الاسكوتلاندية الجبلية، تحكي ملابس العساكر الجبليين في فرق الجيش الإنكليزي نراها هنا كل يوم. ومن فوق التمثال برج علوه 200 قدم من الصوان رسم على جوانبه بعض ملوك اسكوتلاندا القدماء، وإلى جانب هذا التمثال أثر آخر يمثل الرحالة المشهور نفنستون صاحب السباحات المعروفة في أفريقيا؛ حيث توفي سنة 1873 وهو من أهل هذه المدينة. وقد ظللت سائرا في هذا الشارع، وهو ملتقى الهيئة الاجتماعية في أدنبرو، حتى وصلت سفح مرتفع يسمى عندهم تل كالتون، ارتقيته ورأيت في أعلاه مسلة من الصوان الأحمر اللامع، علوها عن سطح المدينة 443 قدما، وقد أقيمت تذكارا لبعض طالبي الإصلاح من أهل المدينة نفوا سنة 1794 بسبب مطالبهم. ويشرف هذا المرتفع على المدينة وضواحيها، ولها منه منظر كثير الجمال، ثم عدت إلى شارع الأمراء وتوصلت منه إلى شارع آخر في قصر الملوك القدماء ، وهو مثل قلعة مصر في شكله، كان منزلا لهؤلاء الملوك وحصنا يدفعون منه غارات الأعداء، ولطالما ثارت الفتن وسفكت الدماء في هذا القصر كما حصل في قلعة مصر. وقد دخلت هذا القصر من باب كبير ورأيت وراءه مدافع صوبت إلى المدينة، ومنها اثنان غنمتهما الجنود الاسكوتلاندية المشهورة بالبسالة من الروس في حرب القرم، ويلي ذلك غرف القصر في بعضها آثار تاريخية، منها تاج الملك جيمس الخامس وسيفه، ومنها غرفة فيها آثار الملكة ماري ستورات التي مر ذكرها في الخلاصة التاريخية وقتلتها الملكة إليصابات الإنكليزية، وكنيسة قديمة العهد بنيت سنة 1110. وتركت هذا القصر متوجها إلى قصر آخر اسمه هولي رود في كنيسة الصليب المقدس، وقد دعيت بهذا الاسم؛ لحكاية تاريخية متعلقة بالملك الذي بناها وهو دافيد الأول، قيل إنه كان واقفا في تلك البقعة للصيد وهجم عليه ثور هائل يريد الفتك به، ولكن الملك كان معه قطعة من خشب الصليب المقدس أوقفت ذلك الثور كالصنم، وكانت تلك القطعة هدية للملك من والدته الملكة مرغريت المشهورة بالتقوى، فبنى الملك الكنيسة في تلك الأرض تذكارا لنجاته. وبنى من حولها ذلك القصر الذي دخلته ولم أر فيه كثيرا مما يستحق الذكر غير أنه أثر تاريخي جليل حدثت أمامه عدة حروب ومعارك، وفيه قاعة عمومية جمعت صور ملوك اسكوتلاندا القدماء، وغرفة تحوي آثار الملكة ماري ستورت باقية على حالها الأصلية، وحمام لها كانت تمزج ماءه بالنبيذ الأبيض حين الاستحمام محافظة على نقاء جسمها، وبعض السيدات الآن يفعلن مثل هذا ويمزجن الماء بالحليب أو ببعض العطور.
وعدت مرة أخرى إلى شارع الأمراء فدخلت بعض الشوارع الجميلة التي تتفرع منه، وأهمها شوارع القلعة وفردرك وهنوفر، وكلها ملآنة بتماثيل الرجال العظام إلى درجة لم أر لها نظيرا في مدائن إنكلترا الأخرى. وأذكر من هؤلاء الرجال توماس غلادستون، وهو من الذين ولدوا في هذه المدينة، ولكنه رحل بعد ذلك بأولاده إلى مدينة لفربول للمتاجرة، ومن أولاده المستر غلادستون الرجل العظيم المشهور، ودخلت مدرسة الطب المشهورة التي سبقت الإشارة إليها ، وهي مجموع أبنية فسيحة بديعة فيها ألوف الطلبة، وقد نشأ منها بعض الشبان الشرقيين، مثل الدكتور حبيب خياط وحضرة الآنسة أنيسة صيبعة من سيدات طرابلس الشام، تلقت فيها الطب بمزيد الاجتهاد. وزرت مدرسة أخرى في الضواحي للمبتدئين، وهي مثل القصور الفاخرة في بنائها ووضعها، أتقن التدريس فيها كما أتقن في كل مدارس اسكوتلاندا، ولها فرع لتدريس علم اللاهوت يكثر طلابه؛ لأن الاسكوتلانديين أهل ورع وتدين، لا تقل شهرتهم في التقوى والأمانة عن شهرتهم في الإقدام والبسالة المعروفة عن جنودهم الجبلية، وآثار تدينهم ظاهرة في كثرة الكنائس وفي محافظتهم الغريبة على يوم الأحد، فإنك ترى أدنبرو في ذلك اليوم كأنها في منام وقد أقفلت كل حوانيتها وبطلت كل حركتها، فلا عربة ولا قطار ولا شيء أمامك إلا أفواج الناس ذاهبة بالهدوء والسكينة إلى الكنائس وعائدة منها، حتى إن المطاعم الضرورية لا تفتح فيها إلا بعد موعد الصلاة في الكنائس، والسفر من أدنبرو يوم الأحد غير ممكن؛ لأن محطات السكة الحديدية تقفل أبوابها مدة ذلك النهار، حتى إن الفنادق وضعوا في كل غرفة من غرفها نسخة من التوراة، وترى بعد الظهر شوارع المدينة وفسحاتها ملأى بالمصلين والمرتلين والواعظين يحثون الناس على التزام الفضيلة، والناس من حولهم كأن على رءوسهم الطير، وفي ذلك ما يشهد للاسكوتلانديين بالتدين الصحيح.
وكان معي في الفندق سائحة أميركية ألحت علي بالذهاب إلى كنيسة روسلن؛ لأنها أثر تاريخي في هذه العاصمة جميل، فذهبت إليها مع غيري من السائحين في عربة كبيرة يجرها أربعة خيول، وسارت بنا نحو ثلاث ساعات في مروج خضراء ومناظر بهية حتى وصلت تلك الكنيسة ورأيت بها من أنواع النقش على الحجر كالزهر والورد والشجر ما يشهد ببراعة صانعيها. والكنيسة هذه قديمة بنيت سنة 1446 وأقام اللورد روسلن في قصر إلى جانبها كان يدفع منه غارات أعدائه، وقد حارب الإنكليز هنا في معركة شديدة انتصر بها انتصارا تاما مع أن جنوده كانوا 8000 والإنكليز 30000 فترى الاسكوتلانديين يفخرون بذكر هذه المعركة في كل حين.
وزرت بعد ذلك ثغر المدينة وهو بلد مهم، سكانه 70 ألفا تقوم منه البواخر إلى جميع الجهات، ويليه إلى جهة الجنوب جسر عظيم مشهور اسمه جسر فورث بني على نهر فورث، وهو أعظم جسر في الوجود بني على طريقة هندسية عجيبة، بمعنى أنه ليس له قناطر وعمد في النهر، بل هو قوس واحدة قائمة على قاعدة في الأرض من هنا وقاعدة من هنا إلى جانبي النهر، وطوله 2765 مترا، فهو أقل طولا من جسر بروكلن في نيويورك إلا أنه أعظم منه متانة، وأدق صناعة وأغرب شكلا، وقد أنفق على بنائه أكثر من ثلاثة ملايين جنيه ووضع فيه من الحديد والفولاذ ما يكفي لبناء خمسين جسرا عظيما، واشتغل به خمسة آلاف عامل مدة سبع سنين، فلما انتهى بناؤه سنة 1890 احتفلوا بافتتاحه احتفالا عظيما شائقا رأسه ملك إنكلترا الحالي بنفسه، وقد شهد الموسيو إيفل مهندس البرج المشهور في باريس أن جسر فورث هذا أعظم الأعمال الهندسية الحديثة، وكان هو من المدعوين يوم الاحتفال بافتتاحه، والمهندس الذي بنى هذا الجسر العظيم هو السر وليم فولر أعطي لقب الشرف حين نجز عمله، وتقرر في الأذهان أنه أتم أعظم جسور الأرض بلا خلاف. وقد جاء هذا الرجل مصر على عهد المغفور له إسماعيل باشا؛ لإبداء رأيه في أمور هندسية وأكرم مثواه، وجاء من عهد قريب ليبدي رأيه أيضا في إصلاح القناطر الخيرية؛ فأعطي على تقريره ألف جنيه، وهو يقبض في بلاده الألوف أجرة رأي أو تقرير صغير عن كل عمل هندسي يندب له.
أبردين:
وبعد أن قضيت أسبوعا في هذه المدينة، وأعجبني منها نظافتها وحسن أخلاق أهلها، برحتها مسافرا في سكة الحديد إلى أبردين وتسمى أيضا مدينة الصوان؛ لكثرة هذا الحجر في نواحيها، وهي - والحق يقال - كلها من هذا الحجر، فإنه يقطع وينحت من نحو ثمانين موضعا في جوارها، وتبنى به المنازل كلها حتى إن الشوارع تبلط بهذا الحجر، وأكثر ما يكون البناء هنالك بالحجر الأسمر قطعا كبيرة ترص بعضها فوق بعض، ولا يدخلها قرميد ولا خشب ولا حديد، وأما القوائم والعمد والواجهات فتصنع من حجر أسود، ويتكون من ذلك مجموع أبنية غريبة المناظر كثيرة الجمال تقرب من بعض أبنية بيروت في شكلها، ولكنها تخالف أبنية أوروبا بوجه الإجمال، وهم يصدرون إلى الخارج شيئا كثيرا من هذا الحجر الذي جعل مدينتهم زينة بين المدائن، فما رأيت دهري مدينة نظيفة مثل أبردين هذه، حتى إنك لو درت الشوارع كلها لم تلق شيئا من الوسخ ولا قطعة صغيرة من الورق في طريقك، ويزيد هذا البلد جمالا أنه يشطره نهران، أولهما اسمه دي، والثاني دون، وهما صغيران ولكن تجري فيهما السفن المتوسطة ويصبان في البحر القريب من أبردين. وأكثر منازل هذه المدينة من دورين فقط، وأمام كل منزل حديقة جميلة فمنظرها بديع من جميع الجوانب، والساكن فيها يشعر براحة وطمأنينة وارتياح إلى تلك الأشكال لا يتولد في النفس إلا من مثل هذا الجمال المتجمع في أبردين، وقد تمشيت في شارع الاتحاد الذي بني به الفندق حيث نزلت وهو أحسن شوارع أبردين، طوله حوالي ميل وعرضه 70 قدما، فالتقيت بتمثال البرنس ألبرت زوج الملكة فكتوريا، وهو كان أهل اسكوتلاندا يميلون إليه لما أظهر من الميل إلى المشروعات المفيدة، ويليه تمثال لجلالة الملكة نفسها تذكارا لزيارتها هذه المدينة مع زوجها المذكور سنة 1859، وفي طرف الشارع إيوان كبير حفرت على حجارته صور ملوك اسكوتلاندا القدماء، وإلى جانبه نادي الضباط، فمنزل اللورد بيرون الشاعر المشهور حيث عاش وهو طفل صغير، فمدرسة مارشال في ساحتها مسلة من الصوان الأحمر علوها 72 قدما، وهي مصقولة تضيء كالمرآة، وقد بنيت تذكارا للسر ماكرجور الذي تولى رئاسة المدارس هنا 30 عاما، ولها أيضا أبراج عالية في الزوايا صعدت أوسطها فأشرفت على المدينة كلها، وأنت تعلم أن أوفق محل لرؤية المدن مثل هذه المرتفعات، حيث ترى صورة إجمالية ترتسم في الذهن ولا تمحى، ووراء هذه المدرسة مكتبة للعامة مجانية فيها تمثال الجنرال ولس الذي حارب الإنكليز ببسالة لا مزيد عليها، ويروى عنه أنه لما جاءه القائد الإنكليزي يطلب المخابرة أرجعه قائلا: اذهب وقل لمولاك إننا وجدنا للمحاربة بالسيف وليس للمخابرة. ويلي هذه المكتبة مدرسة غوردون للمعوزين والأيتام، وقد نقشوا على بابها جملة من يوميته هي هذه: «إني عملت الواجب علي لشرف أمتي تحريرا في الخرطوم يوم 14 ديسمبر سنة 1884.» ولغوردون مدارس كثيرة غير هذه في إنكلترا واسكوتلاندا أقيمت بعد قتله إظهارا لاعتراف الأمة بفضله وتأثرها من مصابه، وأكثرهم يعتقدون أن الحكومة أهملت أمره إهمالا أدى إلى موته ويذكرون ذلك إلى اليوم. وقبل أن أبرح المدينة دعاني صديق لي عمره نحو 70 سنة لأذهب إلى الحمامات البحرية؛ فذهبت وكان البرد يومئذ شديدا والمطر منهملا، فأذهلني حين وصولي أن الرجال والنساء كانوا يستحمون في تلك الأمواج المتلاطمة والمطر يسقط على رءوسهم والريح الباردة تهب على أجسامهم، وهم لا يبالون حتى إن صديقي المسن هذا اشترك في الاستحمام حال وصوله ولم يرجعه برد ولا مطر، فلا عجب إذا كان الإنكليز أقوياء أشداء على ما اشتهر عنهم ما دامت هذه عوائدهم، وما دام الكبار والصغار منهم يقضون نصف أوقاتهم في الرياضة والركوب والألعاب على أشكالها، فليس في الأرض أمة تمرن الأجسام مثل الأمة الإنكليزية أو تعتني بالنظافة مثلها، وهذا فيما أظن من أكبر أسباب ارتقائها؛ لأن الجسم القوي يتبعه عقل قوي في أكثر الأحوال.
أنفرانس:
وتركت أبردين بعد هذا في قطار جعل يخترق الهضاب والبطاح ويدخل تارة بين حراج اسكوتلاندا وحزونها، وطورا يسير على مقربة من البحر حتى وصلت بعد ست ساعات مدينة أنفرانس، وهي في حدود اسكوتلاندا على مسافة 600 ميل من لندن، وقد أضحت هذه البلدة مصيفا للكثيرين ينتابونها لاعتدال هوائها في الصيف وجمال مناظرها؛ لأنها في وسط جبال اسكوتلاندا المشهورة بالفخامة والبهاء، بنيت على ضفة نهر اسمه نس يتخلف منه عدة جزر صغيرة، يوصل بعضها ببعض جسور من الحجر والحديد متقنة الصنع، وقد أقيم في أحد ميادينها تمثال للجنود الاسكوتلانديين الذين قتلوا في حروب مصر والسودان، وكتب على القاعدة أسماء الضباط والمعارك، مثل التل الكبير وجنس وكوشة، والأثر كله من الصوان المصقول. وفي طرف هذه البلدة قلعة قديمة تحكي كل القلاع التي بناها الملوك الأول في المدائن المتطرفة للدفاع عن حدود المملكة، وفيها مدفعان روسيان غنمهما الإنكليز في حرب القرم، ورايات وآثار حربية تدل إلى عدة مواقع أظهر فيها الجنود الاسكوتلانديون بسالتهم المعروفة. ويبدأ من هذه المدينة نهر كليد المشهور بحسن ضفافه وجمال مناظره وكثرة الذين يتنقلون في اسكوتلاندا على بواخره، وقد ركبت إحدى هذه البواخر مع كثيرين غيري في يوم رق هواؤه وراقت سماؤه، والنهر طوله 240 ميلا يمر في جبال ووديان ونجاد ووهاد وغياض ومدن وعمائر شتى، ويتكون منه جزر وبحيرات كثيرة الأنواع، فالذي يسير فيه يرى كل محاسن الطبيعة والصناعة وآثار النعمة والحضارة في تلك الجهات السعيدة، وقد قامت بنا تلك الباخرة ونحن على ظهرها نتأمل تلك المناظر وندرس خرطا فيها رسم كل وادي النهر وضواحيه حتى إذا آن أوان الطعام، نزلنا قاعة فسيحة صفت فيها الأواني الفاخرة وقدمت الألوان الشهية، وكان أكثر الحاضرين من الاسكوتلانديين يشربون الوسكي مع الطعام، وهو مشروبهم الوطني، وكانت الباخرة تقف على تلك الضفاف البهية من حين إلى حين ليصعد من شاء وينزل من شاء، ورأيت بين المسافرين في تلك الجهات أناسا يذهبون للصيد مع عدتهم وكلابهم وهم يستأجرون الأراضي الفسيحة لذلك بالمال الوفير لمدات معلومة، حتى إن بعض السراة يؤجرون غابات لهم بآلاف من الليرات كل سنة لهذه الغاية، وهم يستحضرون إليها الغزلان والثعالب والأرانب ويطلقونها في جوانب الأرض ثم يتراكض وراءها الصيادون، وهذا من ملاهي الإنكليز المشهورة.
وفي جوانب هذا النهر صروح فخيمة وفنادق لا تعد وغرف ومنازل مفروشة ومعبدة للأجرة، يقضي فيها المصطافون بعض زمانهم مستريحين متنعمين، والمناظر تتنوع يرى المسافر أشكالها لا سيما إذ تلتف السفينة مع النهر بين تلك الجبال والغياض، ومن أجملها منظر جبل بن نفس، وهو أعلى جبال اسكوتلاندا. وبعد هذا الجبل سرنا في منبسط من الأرض بديع زرعوا فيه إلى جانبي النهر من هنا ومن هنا صفوفا طويلة من شجر الحور الجميل، فكنا في تلك البقعة كمن يتمشى بين جدارين من الخضرة النضرة والشجر البهي يهب بين أوراقها الهواء، فيسمع لها حفيف ترتاح إليه القلوب، وبعد ذلك كثرت في النهر الجزائر والبحيرات فكنا ساعة في نهر وساعة في بحيرة، ثم نحن مرة أخرى في النهر ثم ندور حول جزيرة أو نقف عند بلدة أو نلتف حول غابة، ومن فوقها منظر الجبل الفخيم أو في واد خصيب رصعت جوانبه بالقصور والحدائق والمناظر المنعشة للنفوس حتى وصلنا مدينة غلاسكو العظيمة بعد سفر يومين في هذا النهر، ونحن نتمنى لو تطول تلك السياحة المفرحة في نهر كليد البهي.
غلاسكو:
अज्ञात पृष्ठ