ويزيد أفلاطون فيقول: إن الحب لا ينفصل من الطيبة والجمال، وإنه يولد الجمال في الجسم والنفس، وإن الحب يسعى لأن يتعلق بما هو طيب وما هو جميل ... وعندما يدرك الإنسان هذه الحقيقة فإنه يصبح محبا للأشكال الجميلة، ثم يرتقي من ذلك إلى أن يعرف أن الجمال في العقل أكبر شرفا من الجمال في الصورة الخارجية ... وينتهي إلى تأمل الجمال في ذاته.
وإذا وصل الإنسان إلى هذه الدرجة فإنه سيجد أن طبيعة الجمال رائعة دائمة لا تزيد ولا تنقص ولا تفسد.
ثم ينتهي إلى أن الجمال لا يتعلق بشيء ما، لا بالسماء ولا بالأرض وإنما هو شيء مطلق قائم بذاته يحتوي نفسه ولا يحتوي غيره.
ونحن نجد في هذه التعابير - التي مضى عليها أكثر من ألفي سنة تتقلب من مترجم إلى مترجم - فكرة عامة عما أراد أفلاطون؛ فإنه قصد إلى أن يقول إنه إذا غمرتنا عاطفة الحب للأشياء والناس فإننا نجد كل شيء جميلا، وعندئذ نكون سعداء.
فالحب والجمال والسعادة سلسلة نحتاج إلى حلقاتها الثلاث، ولكن أولها الحب، وقد تلاقت جميع الفرق الصوفية في جميع الأديان شرقا وغربا علي هذه الكلمات مع أولوية الحب، كما أن رجال المسيحية قد وجدوا في أفلاطون الفيلسوف الذي يؤيدهم في دعوة الحب.
واعتقاد أفلاطون أن الحب أساس الإحساس بالجمال والسعادة لا يمكن أن يجد معارضا؛ فإن الشاب الذي يحب فتاة يجد فيها أسمى الجمال كما يجد في معاشرته إياها السعادة القصوى، وكذلك الأم التي تحب طفلها لا تعتقد أن هناك من يفوقه جمالا بين الأطفال، وأنها لن تجد مثل السعادة التي تلاقيها معه باحتضان غيره.
وعبرتنا من كل هذا الذي ذكرنا عن أفلاطون وإكباره لشأن الحب في حياة الإنسان: هو أننا نستطيع أن نجد السعادة والجمال إذا نحن احببنا الطبيعة وكائناتها والإنسان والمجتمع؛ فإن هذا الحب سيحملنا علي أن ننشد الجمال في كل هذه الأشياء ثم نحس السعادة حين نجده فيما نطلب، بل نزيد علي ذلك بأن الحب العام ضروري للفهم الإنساني، ولن نفهم ونحن نبغض، ولن نتوسع في المعارف ونحن نكره.
فالحب الأفلاطوني ليس عاطفة سطحية كما هو الاعتقاد السائد، وإنما هو الحب العام للإنسان والحيوان والنبات والطبيعة، هو الحب الذي يربطنا بالكون والمجتمع، هو السعادة والجمال.
الفصل الثامن والأربعون
ذكاء المرأة
अज्ञात पृष्ठ