وهكذا صدق المثل القائل: إن من خشي العفريت لم يلبث أن يراه.
شعر المتوكل أن ابنه المنتصر هو قاتله، ومثل اسمه في ذهنه «المنتظر» فأصبح لا يناديه بغير هذا اللقب، وكثيرا ما قرعه وأهانه وسلط عليه من يؤذيه ويصفعه من أتباعه، وربما صارحه بما يجنه لهذا الابن من الاحتقار والمقت، وربما قال له إنه لا يطيق أن يرى أمامه قاتلا يتربص الفتك به، وما أكثر ما استفزه وأمعن في إيلامه امعانا.
قالوا: وكان يقول له: أنت تتمنى موتي وتنتظر وقتي!
ثم يأمر الندمان أن يعبثوا به. (1) أسباب الخلاف والكره
قال ابن خلدون: (1)
كان المتوكل قد عهد إلى ابنه المنتصر، ثم ندم وأبغضه، لما كان يتوهم منه استعجاله الأمر لنفسه. وكان يسميه «المنتظر» «والمستعجل» لذلك. (2)
وكان المنتصر ينكر عليه انحرافه عن سنن سلفه فيما ذهبوا إليه من مذهب الاعتزال والتشيع لعلي! وربما كان الندمان في مجلسه يفيضون في ثلب علي! فينكر المنتصر ذلك ويتهددهم ويقول للمتوكل: «إن عليا هو كبير بيتنا، وشيخ بني هاشم، فإن كنت لا بد ثالبه، فتول ذلك بنفسك، ولا تجعل لهؤلاء سبيلا إلى ذلك!» (3)
فيستخف به ويشتمه، ويأمر وزيره «عبيد الله» بصفعه، ويتهدده بالقتل، ويصرح بخلعه. (4)
قالوا: وربما استخلف غيره في الصلاة والخطبة مرارا، وتركه! فطوى من ذلك على النكث. (2) نتائج الحقد
وكأنما كان يوحي إليه - بمثل هذه الأعمال - أن يحقق هذه النبوءة المروعة، ويرسم له - بما يأتيه من تلك الحماقات المتوالية - خطة ممهدة واضحة السبيل للفتك به، بعد أن أثبت في روعه أن حينه لن يكون إلا على يديه. وقد أفلح المتوكل في ذلك، وانتهى به الأمر إلى إيغار صدره، وإثارته لمناوأته والفتك به. (3) الليلة الأخيرة
अज्ञात पृष्ठ