मसारिक कुशशक
مصارع العشاق
प्रकाशक
دار صادر
प्रकाशक स्थान
بيروت
وبينه، فلما شرب منه شيئًا نظرت إلى عينيه كأنهما عينا مهاة، قد أضلت ولدًا، أو ذعرها قانص، فعلم أين نظري، فرفع عقيرته يغني:
إنّ العُيونَ التي في طَرْفِها حَوَرٌ ... قَتَلْنَنَا ثُمّ لَمْ يُحيينَ قتلانا.
يصرَعْنَ ذا الُّلبِّ حتى لا حَرَاكَ بِهِ، ... وهُنّ أضْعَفُ خَلقِ اللهِ أركانا.
فقلت له: من أين لك هذا الشعر؟ قال: وقع رجل منا باليمامة وأنشدنيه، ثم قمت لأصلح شيئًا من أمر فرسي، فرجعت وقد جر العمامة عن رأسه، وإذا غلام كأنه الدينار المنقوش، فقلت: سبحانك اللهم ما أعظم قدرتك وأحسن صنعتك! قال: كيف قلت ذاك؟ قلت: مما راعني من نورك وبهرني من جمالك. قال: وما الذي يروعك من زرق الدواب وحبيس التراب، ثم لا تدري أينعم بعد ذلك أم ييأس.
ثم قال إلى فرسه، فلما أقبل برقت لي بارقة الدرع، فإذا ثدي كأنه حق. قلت: نشدتك الله أإمرأة؟ قال: إي، والله، امرأة تكره العهر، وتحب الغزل. قلت: والله وإنا كذلك. قال: فجلست تحدثني، ما أفقد من أنسها حتى مالت على الدوحة سكرًا، واستحسنت والله، يا ابن أبي ربيعة الغدر، وزين في عيني، ثم إن الله، ﷿، عصمني بمنه، فجلست منها حجرة، فما لبثت أن انتبهت مذعورة، فلاثت عمامتها برأسها، وأخذت الرمح، وجالت في متن فرسها، فقلت: أما تزوديني منك زادًا؟ فأعطتني ثيابها، فشممت منها كالنبات الممطور، ثم قلت: أين الموعد؟ فقالت: إن لي أخوة شرسين، وأبًا غيورًا، والله لأن أسرك أحب إلي من أن أضرك. قال: ثم مضت، فكان آخر العهد بها إلى يومي هذا فهي، والله، التي بلغت بي ما تراه من هذا المبلغ،
1 / 96