أما بعد، فقد أتاني كتابك، وقرأته وفهمت كل ما ذكرت، وقد صدقتك في كل ما وصفت به نفسك من نصيحتك لأميرك، وحيطتك على أهل مصرك، وشدتك على عدوك.
وقد فهمت ما ذكرت من أمر سعيد وعجلته إلى عدوه، فقد رضيت عجلته وتؤدتك، فأما عجلته فإنها أفضت به إلى الجنة، وأما تؤدتك فإنها لم تدع الفرصة إذا أمكنت، وترك الفرصة - إذ لم تمكن - حزم.
وقد أصبت وأحسنت البلاء وأجرت، وأنت عندي من أهل السمع والطاعة والنصيحة، وقد أشخصت إليك «حيان بن أبجر» ليداويك ويعالج جراحتك، وبعثت إليك بألفي درهم فأنفقها في حاجتك وما ينوبك والسلام. (2-5) بين شبيب وسويد بن عبد الرحمن
ورأى الحجاج أن يبعث سويد بن عبد الرحمن إلى شبيب ليحاربه في ألفي فارس مختارين، وقد قال له الحجاج: «إذا خرجت إلى شبيب فالقه، واجعل ميمنة وميسرة، ثم انزل إليه في الرجال، فإن استطرد لك فدعه ولا تتبعه.» •••
أما شبيب فقد كان على عادته يذهب إلى حيث يجد مجالا للفتك والنهب، ويرحل عن كل مكان يستعصي عليه أو يمتنع دونه؛ فقد سار شبيب إلى المدائن فوجد أهلها متحصنين فيها ولا سبيل إليهم، فراح إلى الكرخ ثم عبر دجلة. وما زال سويد بن عبد الرحمن يطارده حتى قطع بيوت الكوفة إلى الحيرة. وما زال شبيب يفعل ذلك حتى أضجره وأيأسه.
ومما يؤثر عن شبيب أن أكثر الجيوش التي كانت تحاربه «كانت تذهب إليه - كما يقولون - وكأنما كانت تساق إلى الموت».
وليس يتسع المقام للتفصيل والإسهاب في ذكر الوقائع التي شهدها شبيب فلنجتزئ بالقليل منها ما وجدنا إلى الإيجاز سبيلا. (2-6) مصرع محمد بن موسى
كان عبد الملك قد ولى محمد بن موسى «سجستان» قالوا: «وكانت أخته تحت عبد الملك بن مروان» فلما مر بالكوفة - وبها الحجاج - قيل للحجاج: «إن صار هذا إلى «سجستان» مع نجدته وصهره لعبد الملك فلجأ إليه أحد ممن تطلب منعك منه.»
قال: «فما الحيلة؟»
قيل: «تأتيه وتسلم عليه، وتذكر نجدته وبأسه، وأن شبيبا في طريقه وأنه قد أعياك وأنك ترجو أن يريح الله منه على يده فيكون له ذكر ذلك وشهرته.»
अज्ञात पृष्ठ