والمقصود هنا: بيان فسادها بتقسيم دائر بين النفي والإثبات؛ ليس لهم مندوحة عنه، ولا في الأدلة العقلية ما يوجب التزام قولهم؛ بل تبين أنه قول بلا علم.
ثم يقال: هذه الحجة لو دلت؛ لدلت على وجوب قدم شيء ما من العالم؛ فمن أين لكم أن الأفلاك كلها قديمة؟!
بل يقال: إنها لا تدل على قدم شيء بعينه، وإنها تدل على أنه لا بد من مفعول بعد مفعول؛ فلم لا يجوز أن يكون هناك حوادث عظام متوالية، وهذا العالم منها؛ وإن كان الله خلقه في ستة أيام كما يحدث فيه من الحيوان والنبات والمعدن ما يحدثه في أزمنة متراخية.
فإن غاية هذه الحجة: أن الحادث لا بد له من سبب حادث؛ فالاستدلال بهذا على قدم الأفلاك طريق أجهل الناس وأضلهم؛ لا سيما مع القول ب (حوادث لا أول لها).
فإنه إذا جاز (حوادث لا أول لها)؛ فلم لا يجوز حدوث حوادث غير هذا العالم.
ومعلوم: أن مذهبهم مستلزم للقول ب (حوادث لا أول لها)، وهم مصرحون بجواز ذلك بل بوجوبه، ولو لم يقولوا بذلك لزم حدوث العالم. وإن قالوا بذلك؛ لزم إمكان حدوث هذا العالم بسبب حوادث أخر.
فعلى التقديرين: جزمهم بالقدم جهل وضلال، وسواء جعلت هذه الحوادث في نفسه أو منفصلة عنه.
[رد الرازي على حجة المتفلسفة بالمعارضة، وتعقيب شيخ الإسلام]
पृष्ठ 70