ولما خلف جهانجير ابنه شاه جيهان لم يستطع الاستقرار على العرش إلا بعد أن صفى الكثير من المتاعب التي واجهته خاصة من الطامعين في وراثة العرش، منهم شاهريار أخوه الأصغر الذي اقترن بابنة نور جيهان من زوجها الأول وقد فقئت عينه، وآصف خان شقيق نور جيهان، ولكي يمهد شاه جيهان للعرش، قتل أكثر أعضاء الأسرة المالكة، وفي فبراير 1628 وصل من الدكن وأعلن في أجرا نبأ اعتلائه العرش، وكان مخلصا لزوجته «ممتاز مهل» المعروفة باسم تاج بيبي.
ولما توفيت في 1631 حزن عليها الإمبراطور حزنا كان من أثره تخليده ذكرها بتمثال أقامه لها في أجرا، وعدم الاقتران بعدها إلى أن مات بعدها بخمس وثلاثين سنة أمضى منها حول الثلاثين سنة في العرش.
ولئن كانت الإمبراطورية قد اكتنفت حياتها في عهده القلاقل على الحدود والمنازعات الدينية، والأمراض المتفشية والمجاعات المتكررة غير أن الثروة التي خلفها أكبر تقدر بما لا يقل عن مائتي مليون جنيه وثروة اللآلئ والمجوهرات - قد زادها شاه جيهان من ذلك القصور والأضرحة والمنشآت والمساجد وتمثال الملكة وقد اشتغل فيه 20 ألف عامل مدة 23 سنة، وإقامة عرش الطاووس من الذهب الخالص المموه بالأحجار الكريمة. (راجع ص99 و360 و363 من كتاب حكم المغول في الهند)، ومن المساجد: المسجد الجامع في دلهي، وضريح جهانجير في شاه دارا، ومسجد اللؤلؤة، ومن الثورات التي قمعها شاه جيهان، ثورة البوندخاند وراجبوت البنديلا وراهي جوجهار سنج بن محظية جهانجير وبيرسنج وخان جاهان اللودي الأفغاني.
وقد وسع شاه جيهان أن يبسط سلطانه على قنديش وبيزار وسلينجانا ودولت اباد من بلاد الدكن، وأن يستولي على قندهار في 1638 على أنه قد فقدها في فبراير 1649، كما أنه قد حارب البرتغاليين في الهوجلي في 1632 وانتصر عليهم وأسر 400 من رجالهم، وهدم معابد الهندوس في بنارس، وقد استخدم للمرة الأولى مدافع الحصار وعين أورابحزيب حاكما على الدكن ثم على جوجيرات، ثم قائدا على جيشه إلى آسيا الوسطى فواليا على الدكن في 1652، وقد ساعده مرشد قولي خان من خراسان في تنظيم مالية ولايته وتشجيع زراعتها بالري والإقراض، ولما كان سلاطين الشيعة في الدكن مصدر القلق لولاية أورنجزيب، فقد هاجم بيجانور وجولكوندا، وكان حليفه محمد سعيد المعروف باسم ميرجوملا (راجع ص173 و216-242 من الجزء الأول من كتاب تاريخ أورنجزيب).
أورنجزيب
كان تتويج أورنجزيب في 1658 على عجل. أما الحفلة الرسمية لاعتلائه العرش فقد أقيمت بعد عام. ولما كانت المجاعة وضعف الرياح الموسمية قد أجدبت البلاد، فقد ألغى 8 ضرائب وإن كان حكام الأقاليم قد استمروا في تحصيلها ذلك لأن كبار الموظفين كانوا ينفقون على قصورهم وزوجاتهم ومظاهر حياتهم وهداياهم إلى الإمبراطور وحاشيته الكثير من المال فأصبحوا مدينين يتقاضون المال غصبا من الرعية. (راجع ص212 من «حكم المغول في الهند» و271 و272 من كتاب «من أكبر إلى أورانجزيب») على أن أورانجزيب لم يفتأ يصدر التعليمات إلى الموظفين بتخفيبف الأعباء عن الأهلين.
دام حكم أورانجزيب 47 سنة، أمضى الشطر الأول منها في حروب في شمال الهند، والشطر الثاني في الجنوب، وقد استقبل سفراء الدول الإسلامية في إيران ومكة وممثل هولندا من باتافيا، خاصة حين اجتذب إليه الدول بالهدايا والكرم. (راجع كتاب حكم المغول في الهند، ودراسات في الهند المغولية وص3 و115 و116 الجزء الثالث من تاريخ أورانجزيب).
وكان معطاء وشجاعا حازما متزنا مالكا زمام أعصابه في أشد الأوقات ضيقا، وكان إلى القصر أقرب، ذا أنف طويل ولحية طويلة، نحيفا يميل إلى التقوس عند الشيخوخة، يلبس العمامة ويرتدي الشاش الرفيع الموسلين الأبيض المحلى بالزمرد.
نادر شاه ملك إيران
استطاع الملك نادر شاه ملك إيران وهو الجندي الباسل أن يسحق الجيش المغولي في 1739، وقد عاد جيش نادر شاه حاملا الجواهر النفيسة التي أمضى المغول ثلاثة قرون في جمعها، كما ذبح الألوف جماعات جماعات. ثم إن الأفغانيين قد اقتحموا السهول وأوقع رئيسهم أحمد شاه الفوضى في صفوف رجال اتحاد الماراثيين في پانيبات في 1761، تلك المعركة التي أدت إلى نهاية الحكم المغولي في الهند، فأعقبه فوضى شاملة، وبعد ثلاث سنوات استقر رجال شركة الهند الشرقية في البنغال كحماة للمغول في دلهي طاردين الفرنسيين من جنوب الهند.
अज्ञात पृष्ठ