मसायल व अजविबा
المسائل والأجوبة لابن قتيبة
अन्वेषक
مروان العطية - محسن خرابة
प्रकाशक
دار ابن كثير للطباعة والنشر والتوزيع
संस्करण संख्या
الأولى
प्रकाशन वर्ष
١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م
शैलियों
ولَمَّا كَانَ اللِّقَاءُ قَدْ يَكُونُ بِعِيَانٍ وَغَيْرِ عِيَانٍ، وَيَكُونُ بِكَلامٍ وَغَيْرِ كَلامٍ، وَيَكُوْنُ بِحِجَابٍ رَقيْقٍ وَغَيْرِ حِجَابٍ. وَكَانَتِ الْعَرَبُ قَدْ تُجْمِلُ أَحْيَانًا، وَتُفَسِّرُ أَحْيَانًا. كَانَ مِنْ إِجْمَالِهِمْ أَنْ يَقُوْلُوا لَقِيْتُ، فُلانًا فَلا يَسْتَدِلُّ السَّامِعُ بِهَذَا الْقَوْلِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ تَدَانِي الشَّخْصَيْنِ. فَإِذَا أَرَادُوا أَنْ يَنْفُوا عَنْ هَذَا الْكَلامِ الْحِجَابَ، وأَنْ يُعْلِمُوا أَنّ التَّلاقِيَ كَانَ مَعَ إِيْقَاعِهِ بَيْنَهُمَا، قَالُوا لَقِيْتُهُ كِفَاحًا، وَلَقِيْتُهُ مُوَاجَهَةً (١)، وَهَذا قَدْ يَقُوْلُهُ الأَعْمَى لِلأَعْمَى إِذَا الْتَقَيَا، وَلا حِجَابَ بَيْنَهُمَا، وَإِذَا أَرَادُوا أَنْ يَدُلُّوا فِي هَذَا الكَلامِ عَلَى المُعَايَنَةِ مَعَ اللِّقَاءِ قَالُوا: لَقِيْتُهُ عِيَانًا وَصُرَاحًا، وَلَقِيْتُهُ أَوَّلَ عَائِنَةٍ أَي أَوَّلَ نَاظِرٍ (٢).
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللِّقَاءَ قَدْ يَقَعُ مَعَ الْحِجَابِ قَوْلُ اللهِ - جَلَّ وَعَزَّ -: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَو مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَو يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ﴾ (٣). فَالْوَحْيُ مَا أَرَاهُ اللهُ الأَنْبِيَاءَ فِي مَنَامِهِمْ، وَالْكَلامُ مَنْ وَرَاءِ الحِجَابِ كَلَّمَهُ مُوْسَى ﵇، وإِرْسَالُهُ بِالْوَحْيِ إِرْسَالُهُ جِبْرِيْلَ إِلَى مُحَمَّدٍ ﷺ، وأَمْثالِهِ مِنَ الرُّسُلِ. فَأَعْلَمَنَا أَنَّهُ كَلَّمَ مُوْسَى مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، وَأَعْلَمَنَا فِي سُورَةٍ أُخْرَى أَنَّ مُوْسَى لَقِيَهُ حِيْنَ كَلَّمَهُ إِذْ قَالَ: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ﴾ (٤). أَي لا تَكُنْ فِي شَكٍّ مِنْ لِقَاءِ مُوْسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ رَبَّهُ حِيْنَ كَلَّمَهُ مِنَ الشَّجَر، وَكَتَبَ لَهُ فِي الأَلْوَاحِ. قَالَ اللهُ جَلَّ وَعَزَّ: ﴿وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ (٥).
(١) لقيته كفاحًا: أي مواجهة. والمواجهة: المقابلة واستقبالك الرجل بكلام أو وجه. (٢) رأيت فلانًا عيانًا أي مواجهة. ولقيته عيانًا أي معاينة، ولقيته مصارحة وصراحًا بمعنى واحد إذا لقيته مواجهة، ولقيته أول عائنة أي قبل كل شيء، أو أول كل شيء. (٣) سورة الشورى ٥١. (٤) سورة السجدة ٢٣. (٥) سورة الأعراف ١٤٥.
1 / 140